من وحي الصوم

كل ما يتعلق بالدين المسيحي من مواضيع لاهوتية، إيمان، صلاة ..الخ
أضف رد جديد
الأب فادي هلسا
مرشد روحي
مشاركات: 318
اشترك في: الأربعاء مارس 12, 2008 8:18 am

من وحي الصوم

مشاركة بواسطة الأب فادي هلسا » الخميس مارس 13, 2008 12:34 am

من وحي الصوم

الله الذي خلق الإنسان كائنا عاقلا زينه زينة مقدسة فاقت الخليقة كلها زينه بالعقل والإرادة وكلله بالمجد وجعله سيدا لكل ما خلق . جعله كاملا عاقلا هو من سمى الأحياء بأسمائها هو المتربع على عرش الطبيعة لكن نقصه وعدم كماله كان الصوم .
منعه الرب من شجرة معينة فكسر الوصية الأنفع له صلفا وكبرياء وأنانية تسربت بداخله بتحريض عدو الخير وكانت النتيجة سقوطا مريعا من النقاء إلى الفساد ومن الراحة إلى الشقاء ومن العلو إلى أسفل ما نتوقع من النور إلى الظلمة من الحياة إلى الموت .
الله عرف قوة سقوط الإنسان فدبر خلاصا له أعظم مما توقع الإنسان وعاشت البشرية قرونا تنتظر هذا الخلاص . جعل الله وصية الصوم التي أسقطت الإنسان وسيلة فعّالة تساهم في نهوضه فأوصى ما أوصى في عظته على الجبل بقوله متى صمت وأصبح الصوم وسيلة فعالة للقرب من الله متى اقترن بالصلاة وأعمال الرحمة وأصبح الصوم والصلاة كالفحم والبخور بحيث لا تخرج للبخور رائحة إلا إذا وضع على الفحم المشتعل .
وهكذا صار الصوم وسيلة مدعمة للصلاة الحارة بهما نرد جزئا يسيرا من جميل من تزين بإكليل الشوك بانقطاعك عن أطعمة معينة .
يتساءل البعض لماذا نصوم عن الدهنيات ما الفائدة من ذلك ؟ هل ورد في الكتاب المقدس شيء كهذا ؟ من أين أتت الكنيسة بهذه الطريقة في الصوم ؟ ولماذا لا نصوم انقطاعا طول النهار كاليهود .
وأجيب : نحن مسيحيون حررنا المسيح من أي ارتباط مع اليهود فلن نقلدهم .
ولكن ما قصة الدهنيات والأطعمة الحيوانية . لماذا لا نأكلها في الصيام ؟ أجيب :
لقد خلق الله الإنسان ووضعه في الجنة يأكل من ثمارها وخاطبه الرب قائلا ( من جميع ثمار الجنة تأكل ) فآدم قبل السقوط وأثناء الشركة التامة مع الله كان نباتيا .وإذا دققنا النظر في سفر التكوين نجد أن الله قد صرح بذبح الحيوانات وأكلها بعد الطوفان حيث خاطب نوح قائلا : ( وتأخذ لك من البهائم الطاهرة وتقدم محرقات وتأكل أنت وبنوك ) من هنا شرع الآباء في الكنيسة الجامعة وقبل انشقاق الكنائس لترتيب الصوم من حيث أننا نعيش ونستعد لأعظم مناسبات الخلاص الميلاد والفصح كما كان آدم قبل السقوط وهو في الصورة النقية بالشكل والجوهر .
فبالشكل عاش آدم نباتيا فنستعد بالأطعمة النباتية وبالجوهر كان آدم في شركة دائمة وعميقة مع الله ونحن في فترة الصوم نقلد آدم قبل السقوط فنقوي العشرة مع الله . كيف ؟ تزداد الصلوات الفردية وفي الكنيسة وتزداد المطالعات المقدسة في الكتاب المقدس والكتب المرافقة ومطالعة سير القديسين والركوع والسجود والتضرع والدموع وقرع الصدور ورسم علامة الصليب على الجسد بحيث نعيش مع الله بعلاقة أقوى خارج الصوم .
ماذا أهدف من هذا الكلام ؟
1- إخوتي لا تردوا على مثيري البدع والهرطقات الذين يعثرونكم في إيمانكم ويقللون من أهمية الآباء القديسين في الكنيسة وهم كثر هذه الأيام .
2- أود أن أوضح أن الآباء القديسين الذين قامت الكنيسة على دمائهم ورأس الزاوية المسيح له المجد الذين جمعوا الكتاب المقدس ورتبوه بهذا الترتيب المدهش والرائع ونقلوه بأمانة إلينا وميزوا بين السفر الحقيقي والمنحول ( لم تثبت قانونيته ) لا يمكن أن يخالفوا ما رتبوا بوحي الروح القدس .
3- يتعمق الإيمان داخلكم بأن الكنيسة أم لنا جميعا أتدرون بما أشبهها ؟ أشبهها بالجميزة التي صعد إليها زكا العشار القصير القامة حيث صعد إليها ورأى الرب ورأه الرب هكذا الكنيسة تصعدنا بالروح وتحملنا فترى الرب من خلالها ولا يمكن أن نراه خارجها . لثقل خطايانا التي تجعلنا قصار القامة ومنحنين نحو الأرضيات .
4- وهنا أصل بكم إلى الهدف الأسمى والأرقى وهو أن نصوم ليس طاعة للوصية كالعبيد بل محبة بالوصية وأن نفهم أن الوصية لصالحنا وهذا ما يفسر عدم وجود عقوبة لمن لا يصوم فالله يريدنا بإرادتنا أن نتجه نحوه ولا يريدنا بالغصب والقوة .
تيقن أخي المؤمن أختي المؤمنة من إيمان كنيستك ولا يتطرق لعقلك الشك في أي من ممارساتها الإيمانية فتلك الممارسات تقربك من رحمة الله الذي نحبه لأنه هو أحبنا أولا ودامت النعمة معكم .

أضف رد جديد