تأمل في سفر أشعيا 49 : 15 ، 16

كل ما يتعلق بالدين المسيحي من مواضيع لاهوتية، إيمان، صلاة ..الخ
أضف رد جديد
الأب فادي هلسا
مرشد روحي
مشاركات: 318
اشترك في: الأربعاء مارس 12, 2008 8:18 am

تأمل في سفر أشعيا 49 : 15 ، 16

مشاركة بواسطة الأب فادي هلسا » الأربعاء مارس 26, 2008 10:41 am

كنيسة القديس جيورجيوس للروم الأرثوذكس
في الربة
تأمل في سفر أشعيا 49 : 15 ، 16
إعداد الأب فادي هلسا
هل تنسى المرأة رضيعها ، ولا ترحم ابن بطنها ، حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك. هو ذا على كفيّ نقشتك أسوارك أمامي دائما ً .
بشرى سارة يزفها الرب لكل من يؤمن به .
هو يعرف عندما خلق المرأة ، كم وضع في قلبها من الحنان تجاه ثمرة حشاها ، كم تقاسي من آلام وسهر لترى طفلها . تحنو عليه برأفة وحنان هو مضرب الأمثال. إنها غريزة الأمومة التي غرسها الرب لكي يتشربه الإنسان ويستمر معه طوال حياته .
مع كل هذا يخبرنا الرب ، أن المرأة قد تنسى رضيعها يوماً ما وقد لا ترحمه ، إنها مسألة مستحيلة لا يمكن تخيلها ، وهكذا لو تم هذا المستحيل لا ينسانا الرب .
وعد إلهي صادق ، ينادي به إله المراحم ، من جيل إلى جيل : لو نسيت أم رضيعها أنا لا أنساكم.
الله يتعامل معنا بكل أنواع الرأفة والمحبة والمودة واللطف والحنان ، يرعانا في جميع مراحل حياتنا ، كيف ينسى من اشتراهم من اللعنة بدم ابنه الكريم . كيف يتغافل عنا وابنه الوحيد قائم عن يمينه واسطة لعهد جديد لله مع البشر . كيف ينسى منظراً بشعاً على الصليب ، عندما نظر من سماء قدسه ابنه الوحيد البريء من كل شر وإثم يرفع خطايا البشرية كلها مسمراً إياها على الصليب ، ليوقف الموت الناتج عنها والذي شمل البشرية دهوراً ليعطي بدلاً منها حياة أبدية لكل من يؤمن به . لا ولن ينسانا حتى لو تحقق المستحيل ونسيت أم أولادها هو لن ينسانا .
أسماء المؤمنين لم يكتبها بالحبر ، لأن الحبر أياً كان تمحوه السنين ، ولم يكتبها على ورق ، لأنه يبلى بمرور الأعوام ، لقد نقش أسماء كل المؤمنين به ، نقشها في كفه العزيزة لكي لا يطالها محو أو إزالة أو تغيير .
ما أعظم مراحمك يا إلهنا القدير. كم ننساك ونتغافل عنك كم نزوغ هنا وننحرف عنك هناك ، كم يلهينا العالم عنك ، وأنت أنت كما كنت أمس واليوم وإلى الأبد . نحن نؤمن بك ونعيش لك ، بك نحيا ونتحرك ونوجد ، بك سر الحياة ، مراحمك علينا أكثر من جيل آبائنا ، وحنانك علينا لا نظير له . نحن نزوغ عن عهدك ونصم آذاننا عن سماع صوتك ، لكنك لا تنسانا ، أسماؤنا منقوشة على كفك تنظرها عيناك كل حين . فكيف تنسانا ؟
لو بنينا حول حياتنا أسواراً من مشتهيات العالم وبنينا أبراجاً من الملذات فوقنا ، أنت تنظر إلينا وتحزن لأجل معاصينا ، وتنتظر لحظة رجوعنا إليك ، لتضمنا بدفء حنانك الأبوي ، لتنسى آثامنا ومعاصينا كأن لم تكن ، ولا تنسانا .
أيها الأبناء بمحبة وعناية الله :
إذ لنا هذا الامتياز العظيم ، أن تنقش أسمائنا في كف الله ، لا تكتب بل تنقش في كفه ، لماذا نبتعد عن رحمته وعن حبه الذي أحبنا هو به أولاً ؟ لماذا نتعمد أن نحزنه بمعاصينا التي نمارسها كل يوم ؟ لماذا لا ننقش اسمه العظيم في قلوبنا ونحيا له وفيه ؟ لماذا نصم آذان قلوبنا عن صوت بشارته المفرحة للقلب والمنقية للضمير .
إن نسيناه لا ينسانا ، أن أخطأنا نحزنه ، وبرغم ذلك هو آب حنون طويل الأناة وكثير الرحمة وصادق ، غفرانه يسبق غضبه ، والقديسون حوله وفي مقدمتهم والدة الإله يشفعون فينا كل حين ، ليرعى ضعفاتنا ومشقاتنا . لنتب إليه كل حين ولنرفع نحوه أيادي متشددة لا مسترخية ، ونحني له ركب القلب قبل الركب ، ونصرخ إليه : أخطأنا إليك فارحمنا ، نسيناك فاذكرنا وارث لضعفنا ، لنركع أمامه بالتوبة ونسكب النفس والعقل والجسم معاً ، هو ينظر لصلاتنا وينهضنا بيد جبارة وحنونة عنده ملء القوة وملء العطف والرأفة ، يصفح عن الظلم ، يسرع في الرحمة ويشمل بالبركة ويعتني بكل من يسأل العون منه وبه ، لا نتردد من طلب رحماته إنها وسعت السماوات والأرض وهو يستمع لك في كل ما تطلب ولو نسيت الأم أبنائها هو لن ينسانا . آمين

أضف رد جديد