تبدأ قصة حياة القديسة جليلة الذكر منذ أن كانت رضيعة.....تيتمت وهي رضيعة فتولت
مربية بيرعايتها حتى أن بلغت الثانية من عمرها حيث أتت بها إلى الدير إلى عمتها بيرونا
فأحاطتها بعناية فائقة وعلمتها أصول اللغة السريانية والتعليم الإلهي,حتى تحفظها من الضلالة
وتنقذها من المعاثر ولا سيما أنها كانت رائعة الجمال.ولما كبرت فرضت علىَ نفسها قيوداً نسكية
صارمة كتناول الطعام مرة واحدة كل يومين والنوم علىَ سرير خشبي رفيع وكثيراً ما كانت ترقد
علىَ الأرض العراء في سبيل قمع شهوة جسدها.وحينما تراودها التجارب والهواجس كانت تنهض
وتلوذ بالصلاة والقراءة الروحية لكي تتمكن من طرد الأفكار الشريرة.كما أنها تميزت بحب العلم
والمعرفة إلىَ درجة جعلت الرئيسة والراهبات يتعحبن من سعة معارفها.وعندما كانت النساء العلمانيات
يقصدن الدير للإشتراك في الصلاة والقراءة المقدسة التي تتلوها فبرونيا,أمرت الرئيسة بأن تقرأ لهن
وهي وراء الحجاب.ولكن رغم هذا الشئ شاع خبرها في كل المدينة وأخذ الناس يتحدثون عن علمها
وجمالها ووداعتها وتقواها وتصوفها.وعندما وصل خبر اجتياح االجيش الروماني لمدينة نصيبين لغرض
التنكيل بالمسيحيين وجعلهم يقدمون الذبائح للاَلهة الوثنية الرومانية اضطر جميع المسيحيين بما فيهم اللإكليروس والراهبات بالهروب والاختيباء.ولكن الراهبة الباسلة فبرونيا أصرت علىَ البقاء مع الرئيسة|بيرونا|ونائبتها|تومايس|للخوض في سبيل الجهاد والنضال من أجل اسم يسوع المسيح
له المجد حيث قالت..لعمر المسيح الذي خطبت له وقدمت له ذاتي لن أغادر هذا المكان وليكن ما
شاء الله..وبهذا القول برهنت الدرة النصيبينية ذات العشرين لابيعاً من تجسيد أروع القيم والمثل الجهادية من أجل
الرسالة المسيحية{وجاهدت جهاد الإيمان الجميل وربيحت بالحياة الأبدية التي دعيت إليها واعترفت من أجلها الإعتراف
الحسن أمام شهود كثيرين}من رسالة القديس بولس الأولى إلى تيموتاوسِ/12..6/.وبالفعل شهد ملعب نصيببن الحكم
الجائر بحق الراهبة الضعيفة والشابة الجميلة فبرونيا النصيبيية حيث حكم عليها بالتعذيب الجسدي ولامس جسدها الطاهر
مختلف أنواع الهلاك الجسدي من جلد وحرق وعري وقطع في معظم أعضاء جسدها الطاهر وذلك باستخدام النار المحرقة
والأمشاط الحديدية والسيف البتار والفأس القاطع.وماعلتها أو ذنبها سوىَ أنها مسيحية مسكينة وهبت نعمة الجمال وفضيلة العفاف.{وجميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوىَ في المسيح يسوع يضطهدون.ولكن الناس الأشرار المزورين سيتقدمون
إلىَ أردأ مضلين ومضَلين}من رسالة القديس بولس الثانية إلى تيموتاوس/1-12 الأصحاح3}.وهذه بعض الأقوال النيرة والإجابات المضيئة التي تفوهت بها الطوباوية فبرونيا الثائرة أمام الحاكم الجلاد سيلينس القبيح أثناء الاستجواب في وسط الملعب الرياضي في نصيبيين وهي مشدودة اليدين وفي عنقها طوق حديدي ثقيل وبحضور كثير من الناس حيث الكثير منهم تركُ ساحة الميدان البطولية التي استشهدت فيها القدية السريانية فبرونيا المسيحية بسبب شدة التعذيب الجسدي وللاإنساني.وأدناه النصوص الكاملة كما وردت في المصدر المقتبس من القديسة الشهيدة فبرونيا
القديسة العظيمة وكما ذكرتها شاهدة العيان{تومايس}لتلك الأحداث الرهيبة
أيها الحاكم..إن لي في السماء خدراً لم تصنعه أيادي البشر وعرساً لايزول ومهراً
قوامه ملكوت السماء وعريساً غير مائت ولا يزول ولا يتغير ومعه سأتنعم إلى الأبد
فلا تجهد نفسك أيها الحاكم إذا لن تحصل مني علىَ شيئ لا بالوعد ولا بالوعيد
اسمع أيها الحاكم..فلو أنك عريتني تماماً من كل ثيابي لما حسبت هذا عري
لآن صانع الذكور والإناث واحد وأني لست تائقة إلى التعري من الثياب وحسب
بل أنا متهيئة أيضاً لعذاب النار والسيف إن كنت أهلاً لأتألم في سبيل
ذاك الذي تألم من أجلي
اسمع أيها الحاكم..يعلم الله سيدي أني لم أرَ أبداً وجه رجل حتىَ الآن ولأني
وقعت بين يديك دعيت وقحة وعديمة الحياء,ولكن قل لي أيها الحاكم الجاهل
وعديم الإحساس هل من مجاهد يترل إلىَ حلبة الألعاب الأولمبية ولا يخلع
ثيابه,ألا يقف عارياًفي الجهاد إلى أن يتغلب على منافسه.أما أنا فأنتظر العذابات
والنار فأنى لي أن أصارع وأنا لابسة ثيابي,أم ينبغي لي أن أواجه هذا العذاب وأنا
عارية إلي أن أنتصر على سيدك الشيطان وأحتقر عذاباتك وتهديداتك
لقد علمت من الخبرة الأولى إني لا أغلب وإني أحتقر عذاباتك
قبحك الله أيها الحاكم اللعين الشرير لأنك تصدني عن الذهاب إلى عريسي
فأسرع وأخرجني من هذا الجسد لأن حبيبي ينتظرني,وأخيراً رفعت الطوباوية
فبرونيا صوتها إلى السماء وصرخت بألم عظيم وقالت,أيها الرب إلهي أنظر ألى
ما أنا فيه من الشدة والظلم وأقبل نفسي.ثم سكتت وانتقلت روحها الطاهر إلى السماء.
وفي النهاية إن الدم الذكي والطاهر المراق على التراب في ملعب نصيبين لم يذهب
هراءً فقد صرخ ألى ربه في الحال وأنتقم من القاتل الجاحد كالثور الهائج الذي ينطح
عموداً فيسقط ميتاً وهكذا مات سيلينوس اللعين وإلى جهنم وبئس المصير
فقال لوسيمكوس{أبن أخ سيلينوس}عندما وجد عمه الحاكم جثة هامدة
ما أعظم إله المسيحيين,فقد أنتقم الله لدم فبرونيا الذي سفك ظلماً أما لوسيموكوس
فقد استدعى القائد فريموس وأعلن أمامه إيمانه بالسيد يسوع المسيح وهو يقول
أكفر بسائر تقاليد آبائي وأنكر تراثهم الوثني وأمقت أموالهم وأعلن أمام الجمع كله
إيماني بالسيد يسوع المسيح.{وكما قال فريموس}وأنا أيضاً يا سيدي ألعن
ديوقلتيانس{امبراطور الرومان}ومملكته وأكفر بكل ما يمتّ بصلة إلى
أجدادي وآبائي وأنضم إلى المسيح".وهكذا أنتصرت الجوهرة السريانية
القديسة على التنين الروماني الظالم فكان استشهادها سبباً في إيمان
الكثير من الوثنيين
بركة وصلوات هذه القديسة الطوباوية فبرونيا معكم
لا نقرأ هذه السيرة على سبيل التسلية بل نجعل هذه القديسة مثلاً
لنا وقدوة صالحة نتمثل بي إيمانه الراسخ المتين وتضحياتها
الجسدية بل موتها في سبيل ذاك الذي مات على الصليب من أجلنا
وأن نربي أطفالنا التربية المسيحية الحقيقية منذ نعومة أظفارهم
حتى إذا ما بلغوا أشدهم يصبحون كرمة معطاء في حقل السيد المسيح
أمين
موقع حاملات الطيب
