شرح سفر الرؤيا (4)

كل ما يتعلق بالدين المسيحي من مواضيع لاهوتية، إيمان، صلاة ..الخ
أضف رد جديد
مار اسيا
قنشريني جديد
مشاركات: 27
اشترك في: الاثنين إبريل 23, 2007 7:48 am
مكان: الجمهورية العربية السورية
اتصال:

شرح سفر الرؤيا (4)

مشاركة بواسطة مار اسيا » الثلاثاء يونيو 26, 2007 11:42 am

تابع شرح سفر الرؤيا ( 4 )

12- ثم التفت لأنظر الصوت الذي تكلم معي ولما التفت رأيت سبع مناير من ذهب .
- التفت لأنظر الصوت الذي تكلم معي .
إن الصوت لا ينظر بل يُسمع . ولذا فإن المعنى هو : التفت لأنظر مصدر الصوت الذي يتكلم معي . وإن مثل هذا القول ورد في سفر الخروج : وكان جميع الشعب يرون البروق والرعود وصوت البوق والجبّل يدخّن ( خر20: 18 ) . بينما صوت الرعود والبروق لا ير بل يُسمع .
ونحن في حياتنا العامية درجنا على استعمال هذه الطريقة فمثلاً . إذا ما رنّ جرس الهاتف فإن واحدنا يقول للأقرب إلى الهاتف : شوف مين عمْ يحكي .
- ولما التفت رأيت سبع مناير من ذهب .
إن العدد ( 7 ) يشير إلى التمام عند الله ، فإما تمام غضبه الإلهي وإما تمام نعمه ومحبته للبشر . ونأخذ بعض الأمثلة من الكتاب المقدس .
• عن حفظه التام للبهائم الطاهرة وللطيور قال الله لنوح : من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكراً وأنثى ، ومن طيور السماء أيضاً سبعة سبعة ذكراً وأنثى . لاستبقاء نسل على سطح الأرض ( تك7: 2-3 )
• وللتعبير التام عن غضبه على الأرض قال أيضاً لنوح : بعد سبعة أيام أمطر على الأرض أربعين يوما فأمحو عن وجه الأرض كل قائم عملته ( تك7: 4 ) .
• للتعبير عن الرجاء التام قال الرب الإله : لأن الصديق يسقط سبع مرات ويقوم ( أم24: 16 ) .
• عن وجوب الغفران الكامل أجاب الرب يسوع بطرس الذي سأله كم مرة أغفر إلى أخي هل إلى سبع مرات ؟ فقال له سيدنا يسوع المسيح : لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات ( مت18: 21-22 ) .
تأمــل :
الكنيسة هي مؤسسة إلهية بين البشر وإن العدد ( 7 ) له إشارات ورموز إلهية فيها .
• في ماهيتها هي سبعة أسرار إشارة إلى أن المؤمن ينال منها إن التزم كمال النعم الإلهية للإنسان .
• في عملها سبعة مناير إشارة إلى الهداية الكاملة التي ممكن أن يحصل عليها الإنسان بواسطتها .
• في معدنها ذهب وفي ذلك رمز إلى . نقاء تعاليمها لأنها تعاليم السيد المسيح الذي قال لها من خلال شخص الرسل اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به ( مت28 : 19 – 20 ) . في معدنها ذهب إشارة أيضاً إلى جمالها لأنها صورة ملكوت الله على الأرض فقد قال له المجد : لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سرّ أن يعطيكم الملكوت ( لو12: 32 ) . في معدنها من ذهب لأنها صورة الغنى الحقيقي الذي يجعل الإنسان وارثاً لملكوت السماء وقد قال ربنا في ذلك : بيعوا مالكم واعطوا صدقة . اعملوا لكم أكياساً لا تفنى في السموات حيث لا يقرب سارقٌ ولا يبلي سوسٌ ( لو12: 33 ) . في معدنها ذهب لأنها رمز الملك الحقيقي حيث سيملك المؤمن المستحق مع المسيح في ملكوته السموي إذ قال ربنا بأنه سيدعو الذين يقيمهم عن يمينه في يوم القيامة الرهيب قائلاً لهم : تعالوا إلي يا مباركي أبي رثوا الملك المعدّ لكم منذ تأسيس العالم ( مت25: 24 ) .
• الكنيسة كاملة في هيئتها فلا ينقصها شيء في مسيرتها باتجاه الأبدية ، إذ قال لها ربنا له المجد : أبواب الجحيم لن تقوى عليها ( مت16: 18 ) .
• الكنيسة خالدة خلوداً تاماً رغم الاضطهادات التي تعرضت لها والمؤامرات التي تحاك ضدها ماضياً وحاضراً ومستقبلاً إذ قال له المجد لها من خلال الرس : ها أنا معكم كل الأيام حتى انقضاء الدهر ( مت28: 20 ) .
• كاملة في اعتقادها فإن تعليمها هو من الرسل الذين بدورهم كانوا قد تلقوه من السيد المسيح بالذات وهذا ما نتأكده من قوله له المجد : اذهبوا إلى جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم جميع ما أوصيتكم به ( مت28 : 19-20 )
• كاملة في طقوسها ، فإن مجمل طقوسها هي إعادة لكامل التدبير الخلاصي بالمسيح له المجد .
• الكنيسة هي منارة تقدم النور الحقيقي للعالم الذي هو نور المسيح الذي قال عن نفسه : أنا هو نور العالم ( يو8: 12 ) . وهذا ما يجعلنا نقرأ في إشعياء الذي خاطب الكنيسة قائلاً : قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك ...... فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك ( أش60: 1-3 ) .
• الكنيسة من ذهب . فكما أن الذهب لا يصدأ وغير قابل لتخليصه من الشوائب التي تحدث للمعادن الأخرى ، هكذا الكنيسة أيضاً لا تفسد تعاليمها ولا تبلى ولا تعتق مثلما يحدث للتعاليم البشرية أياً كانت حيث تحتاج بين الحين والآخر إلى إعادة النظر وتخليصها مما قد عتق وإضافة جديدٍ إليها ..... إلخ .
13- وفي وسط السبع المناير شبه إبن الانسان متسربلٍ بثوبٍ إلى الرجلين ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقة من
ذهب .
- في وسط السبع االمناير . وجدنا أن المناير هي الكنائس . وإذ أن الرقم ( 7 ) يشير إلى الكمال لذا فإن السبع الكنائس هي رمز لكل الكنيسة في كل الأرض ، فإذاً إذ رأى إبن الانسان في وسط السبع المناير فهذه رسالة إلى أن المسيح له المجد قائم على الدوام في وسط الكنيسة في كل مكان ، وبذلك فإن هذا الإعلان الذي صار ليوحنا هو من أجمل إعلانات هذه الرؤيا .
- شبه ابن إنسان . المسيح هو ابن الإنسان ، وهو الذي لقب ذاته بهذا الاسم ، وقد ورد ذكر ابن الانسان في العهد الجديد ( 85 ) مرة ، وإن ربنا يسوع المسيح أراد من وراء هذه الصورة وذكر هذا الاسم .
• أن يذكرنا بأنه هو المقصود في وعد الله بخصوص نسل المرأة الذي سيسحق رأس الحية ، وذلك حينما قال للحية : أضع عداوة بينك وبين الحية وبين نسلك ونسلها ، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه ( تك3: 15 ) . فبينما هو له المجد نسل المرأة ( العذراء ) وإن تلك المرأة لم تلده من زواج بشري بل بحبل إلهي أتخذ له منها جسداً لذا فإنه لقّب بابن الإنسان .
• يذكرنا بقوله له المجد : من يبكتني على خطية ( يو8: 46 ) . بمعنى أنه يقول عن نفسه بأنه منزه عن الخية وكل ضعفٍ وهذا من صفات الله الكامل ، ولكنه له المجد ظهر بالجسد كإنسان ، فإذاً هو صورة الانسانية الكاملة حينما تكون متحدة مع خالقها ، مثلما كان آدم قبل السقوط ، فإن كانت الخطية قد أنقصت من من انسانية الانسان وشوهت جمال الانسانية فيه فإن السيد المسيح قدّم في نفسه صورة أصيلة للإنسانية الكاملة في صفاتها .فإن له المجد .
= كان كاملاً في حبه وعبر عن ذلك بقوله : كما أحببتكم أنا تحبون بعضكم بعض ( يو13: 34 ) ونعلم أن محبته لنا قادته إلى الصليب ، فلولا كمال المحبة لما صلب .
= كان كاملاً في الرحمة وأعطاناً براهين عملية عن ذلك . فإنه مثلاً توقف مستجيباً لنداء الرحمة الذي صرخ به ذلك الأعمى : يا ابن دواد ارحمني ، ومنحه البصر ( مر10: 47 )
= كان كاملاً في تحننه . ألم يتحنن على الجموع المؤلفة من الآلاف فلم يتركهم يذهبون دون طعام بل أكثر لهم الخبز والسمك وأشبعهم ، وكان ذلك في حادثتين منفصلتين ( مت 14 ، مت 15 ) ؟
ألم يتحنن على أرملة نايين وأقام ابنها من الموت وأعاده لها ( لو7: 13 ) ؟
= كان له المجد كاملاً في تواضعه . ألم ينحن أمام الاثني عشر الذين هو خلقهم وغسل أرجلهم ( يو13: 5 ) ؟
= كان له المجد كاملاً في وداعته . ألم يركب جحشاً وابن أتان في دخوله إلى أورشليم بينما هو ملك الملوك وسيد السادات ؟
وكثيرة هي الأمثلة على كماله في كل الصفات الإنسانية .
• يذكرنا بأنه لم يكن في هيئته الإنسانية خيالاً بل حقيقة اتخذ له طبيعة انسانية كاملة وبذلك فإنه شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية ، واتحد لاهوته بالطبيعة البشرية بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير اتحاداً لا انفصال فيه إلى الأبد .
• يذكرنا أخيراً وليس آخراً بنبوة دانيال القائلة : كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه أمامه فأعطي سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة . سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض ( دا7: 13-14
- شبه ابن إنسان ولم يقل ابن إنسان . لأنه ليس مجرد ابن إنسان بل إله تأنس وأخذ له صورة إنسان كما قال الرسول بولس : صائراً في شبه الناس ( في2: 7 ) .
- شبه ابن إنسان في منظره العام لكنه مختلف عمّا كان قد ألفه يوحنا أثناء كرازته الجهارية على الأرض ، ذلك لأنه له المجد بعدما قام من القبر فإنه قام بجسد القيامة ، وإذ هو الله فإنه قام وهو لابس مجده الإلهي
- في وسط السبع المناير . هذا يذكرني بلاعب الوسط في لعبة كرة القدم ، الذي هو أهم لاعب في الفريق كون العقل المدبر والموجه للفريق . هكذا المسيح إذ رآه يوحنا في وسط السبع المناير ، فهي إشارة إلى حضوره له المجد في وسط الكنيسة على الدوام ، يدبرها ويقودها ويرشدها بروحه القدوس . ومثلما كان الكاهن في العهد القديم يتعهد المناير السبع في القدس بما يلزمها من زيت وفتيل وضوء لتظل منارة على الدوام ، هكذا المسيح إذ هو رئيس كهنة الكنيسة واقف حاضر فيها على الدوام لتظل منارتها مضاءة دائماً ، وهذا مما أشار إليه له المجد حينما قلا لأبنائها : أنتم نور العالم ( مت5: 14 )
- متسربلاً بثوب حتى الرجلين . رمز الهيبة والوقار .
- ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقة من ذهب .
• المنطقة ( الزنار ) وهو رمز للاستعداد للخدمة والحرب والعمل .
• عند ثدييه . الأثداء ترضع الحياة للأطفال . وبذلك فإن الإشارة من هذا القول هي الاستعداد الدائم للمسيح بأن يمنح الحياة الأبدية لمن يقبل إليه . وهذه هي خدمة يقدمها له المجد لمن يأتي إليه ، وهي حرب ضد إبليس الذي يحاول أن يغذي الإنسان حليب الشر والموت وليس الحياة . وهو عملٌ من أجل الحياة الأبدية .
• عند ثدييه . الثديان هما رمز للعهدين القديم والجديد ، فكما إن الثديين يشبعان الطفل حليب الحياة الزمنية ، هكذا العهدين القديم والجديد يشبعان المؤمن بكلام الله .
• من ذهب . رمز الثبات ، فإن الذهب معدن ثابت لا يصدأ ولا يتآكل مع الزمن ، هكذا ربنا يسوع المسيح هو ثابت في وعوده ومواعيده من جهة ، ومن جهة أخرى تظل ألوهته ثابتة لا يطالها النقص والتزعزع ...... .
14- وأما رأسه وشعره فأبيضان كالثلج وعيناه كلهيب نار .
- إن المقصود برأسه هو شعر رأسه . وإن المقصود بـ شعره هو لحيته . فإن كلاهما أبيض كالصوف النقي كالثلج .
• إن بياض شعر الرأس هو رمزٌ للأزلية . لأن هذا البياض عادة هو للمسنين الطاعنين في السن .
• بياض شعر اللحية هو رمزٌ للحكمة . ذلك لأنه كانت قد درجت العادة أن الحكماء كانوا يطيلون لحاهم وكلما كبروا في السن ازدادوا معرفة وخبرة وحكمة ، وبالمقابل تزداد اللحية بياضاً ، وما أن يصبح مسناً حتى تصبح لحيته بيضاء كاملة . وقد جاء في ( أي32: 7 ) : كثرة السنين تظهر حكمة . وبذلك نجد يوحنا ينعت الرب يسوع المسيح بالأزلية والحكمة الكاملة .
نعم إن ربنا يسوع المسيح هو أزلي لأنه مولود من الآب السماوي ولادة عقلية كونه كلمة الله . ورب معترض يقول : إن العقل يسبق الكلمة . فما أن هذا الاعتراض مرفوض عقلياً إلا أننا نجيب قائلين : هل كان الله في زمن ما عقلاً أصماً أخرساً دون كلمة ؟ حاشا . إذاً ، المسيح هو كلمة الله مولود من الآب ولادة أزلية .
كما أنه له المجد هو كل الحكمة لأنه كلمة الله . وقد جاء في سفر الأمثال : لأن الرب يعطي حكمة . من فمه المعرفة والفهم ( أم2: 6 ) . كما أن له المجد قال عن حكته التي لا تقاوم لأن حكمة إلهية : لأني أنا أعطيكم فماً حكمة لا يقدر جميع معانديكم أو مناقضيكم أن يقاوموها ( لو21: 15 ) .
وقال الرسول بولس : بالمسيح قوة الله وحكمة الله ( 1كو1: 24 ) .
- عيناه كلهيب نار ٍ . أي أنهما فاحصتان ، ونظراته مهولة تملأ الأشرار خوفاً وجزعاً . فإن مصطلح النار يستخدم على الأغلب لبيان الخطر المحدّق .
• قال أشعياء عن الأشرار : إنهم قد صاروا كالقش أحرقتهم النار . لا ينجون أنفسهم من نار اللهيب ( أش47: 14 ) .
• يقول ربنا يسوع المسيح عن جهنم النار التي للأشرار : دودهم لا يموت والنار لا تطفأ ( مر9: 44 ) .
15- ورجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياه كثيرة .
- النحاس معدن يتحمّل درجات حرارة عالية جداً ، ولذا فهو رمز للثبات أمام مقاومات الأعداء وشرورهم التي هي كالنار الآكلة . وهذا ما يذكرنا بمواقف كثيرة حاول فيها أعداؤه أن يصطادوه بشرهم لكنهم لم يفلحوا ، وقد أعطى الكنيسة هذا الثبات والتغلب على نار شرّ الأشرار . وإن من يرجع إلى تاريخ الكنيسة فإنه سيجد قوة الثبات التي تحلّت به عبر مراحلها السابقة خلال الألفي سنة التي مضت في وجه الاضطهادات وفي وجه الأباطرة والملوك والولاة والحكام ولا تزال قائمة ثابتة أبواب الجحيم لن تقوى عليها ، وهكذا ستكون إلى انقضاء الدهر أيضاً .
• النحاس النقي اللامع . إشارة إلى صفاء جوهر المسيح لأنه الله والله هو روح بسيط لا تركيب فيه ، وهذا بحد ذاته هو سرّ ثبات المسيح ، فهو ليس ثابتاً بالوسائل البشرية ( السيف ، المدفع ، الصاروخ ، القنبلة النووية ) بل بنقاء سيرته وسمو شخصه وكمال طبعه الذي تحدّى به الفريسيين حينما قال : من منكم يبكتني على خطيئة ( يو8: 46 ) . وهذا ما يذكرنا بما جاء في اشعياء : لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غشّ ( أش53: 9 ) .
- صوته كمياه كثيرة .
إن صوت المياه هو صوت عذبٌ جداً ، ومن ناحية أخرى إذا كانت مياهٌ فياضة فإن صوتها يبعث في النفس الرهبة والجزع . ومن ذلك فإننا نجد أن صوت المياه هو من جهة رمزٌ لعذوبة تعاليم المسيح ، ومن جهة أخرى هي رمزٌ إلى الفزع الذي ينبعث في نفس الإنسان إذا ما كان خارجاً عن صوت بشارة الانجيل التي هي صوت تعاليم ربنا يسوع المسيح له المجد .
• حينما يقف إنسان أمام نهر كبير في قسم المنحدر ويتطلع إلى مياهه التي تتدفق بغزارة وقوة ، وصوتها يدخل آذانه فإن المهابة تغمر كيانه ، وإذا ما تأمل في ذلك بعمقٍ كبير وجب أن يجد فيها صدىً لصوت الله المهوب الذي يخيف الخارجين عن حقه الإلهي .
• إن يوحنا حينما كان يسير مع المسيح كتلميذٍ لم يكن يسمع منه صوتاً مرتفعاً أو حاداً لأنه كان يدعو إلى التوبة والعودة إلى الفردوس ، وإن هذه الدعوة كان يلزمها رقّةً ولطفاً ووداعة وتواضعاً من أجل جذب الإنسان للعودة . وبذلك لبسته النبوة التي قيلت باشعياء النبي وذكرها متى في الانجيل : هوذا فتاي الذي اخترته ، حبيبي الذي سرّت به نفسي . أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق . لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحدٌ في الشوارع صوته . قصبة مرضوضة لا يقصف . وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يُخرج الحق إلى النصرة وعلى اسمه يكون رجاء الأمم ( مت12: 18-21 ، أش42: 2-4 ) .
لكن يوحنا الآن في هذه الرؤيا لا يراه كما كان يراه حينذاك ، وبالتالي فإن صوته حينذاك ليس كصوته في هذه الرؤيا ، فإن صوته الآن هو صوت الديان الذي سيرعب الأشرار من ناحية ، ومن ناحية أخرى كصوت راعٍ للكنيسة يتمشى في وسطها يُفزع مقاوميها ومعانديها فيه وعيدٌ لهم بالهلاك الأبدي في جهنم النار إلى الأبد . وهذا ما يذكرنا بقوله له المجد : أما أعدائي أولئك الذين لا يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدّامي ( لو19: 27 ) .

أضف رد جديد