تاريخ الغناء السرياني 2

خاص بكل ما يتعلق بالسريان والسريانية
أضف رد جديد
كبرئيل
قنشريني مميز
مشاركات: 661
اشترك في: الجمعة مايو 04, 2007 10:58 pm
مكان: سوريا / Assyria
اتصال:

تاريخ الغناء السرياني 2

مشاركة بواسطة كبرئيل » الأربعاء فبراير 13, 2008 3:12 pm

ثالثاً : مجي المسيحية والألحان الكنسية :

عند مجيء المسيحية واعتناق الناس لها كانت الكنيسة أمام رأيين بخصوص استعمال الألحان والموسيقى داخل الكنيسة فكما يعرض لنا العلامة والمؤرخ اللاهوتي (ابن العبري) في كتابه الشهير ( الأيثيقون) في الباب الخامس :
الرأي الأول : رأي النساك الذين لا يحبذون الألحان ويعتبرونها لذة غير ضرورية ولأن الغناء على أنغام القيثارات والآلات الموسيقية كان مرافقاً لحفلات الصنم وذبائحها والأعياد الوثنية كما أن القديس بولس الرسول قال عن الصلاة والتسابيح أنها يجب أن تكون :
" كلمات لا ينطق بها والروح يصلي من أجل القديسين بتنهدات " ويجب أن تكون عبادة الله بالروح والحق وبالصمت الروحي العميق الذي يفوق عذوبة جميع الألحان.

الرأي الثاني : إن الفكرة المحرمة إما أن يرفضها العقل أو يمنعها الكتاب أما رفض العقل ليس صحيحاً بدليل تمتع الآذان بالألحان تمتع العين بالمناظر الجميلة وتمتع الأنف بالروائح العطرة فاللحن إما أن يصدر عن تغريد طير أو عن الأصوات الموجودة في الطبيعة وواضح أنها غير جالبة للإثم و تحريم الكتاب لها فلم يحرمها بدليل التقاليد العبرية القديمة فإن داوؤد رتب أربعة أجواق تراتيل بالألحان المتنوعة وكل جوقة مؤلفة من 40 مرتل حتى أن داوؤد قال
"سبحوه بصوت البوق سبحوه بالعود والكنارة سبحوه بالدف والرقص سبحوه بالأوتار والمزمار سبحوه بصنوج السماع سبحوه بصنوج الهتاف" (مز150: 3-5).
كما أن القديس بولس ذكر في (اف 5: 19):"مكملين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغان روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم".
و " رنموا للرب ترنيمة جديدة"(مز 96 : 1-2).
و "سبحوا ورنموا ورتلوا..."ترددت كثيراً.

الأسباب التي من أجلها دخلت الألحان للكنيسة (بحسب كتاب الأيثيقون) :

السبب الأول : النغمة بعذوبتها تخفف من وطأة الأتعاب النسكية وتلهي الناسك فينسى الشعور بالوقت والملل وإذا عدم الشعور بهما عدم الشعور بشدة وطأتهما
مثال: ( غناء الأم وهدهدتها لصغيرها من شأنه تهدئته عن البكاء ويكون سبباً لانشراحه)






السبب الثاني : اللحن يؤدي إلى زيادة تفهم المعاني الكامنة في التسابيح الروحية وذلك على وجهين: الأول : نظام الكلمة المرافق للنغمة يغطي امتداد الأبيات وطول الوقت
الثاني :الكلمة التي تلفظ بعذوبة موسيقية تكون أفعل في النفس.


من وضع الأغاني الروحية في الكنيسة السريانية ومتى :

منذ مجمع نيقية 325 م المقدس شرع القديس مار أفرام السرياني ينتج الأناشيد القدسية و
المداريش ضد أهل البدع في زمانه وحسبما جاء في كتاب (الموسيقى السورية) ل (كبرئيل أسعد) : " فلقد أدخل مار أفرام السلم الموسيقي التابع لشعبي سومر وأكاد إلى الكنيسة السريانية
عن طريق فناني زمانه وشكل جوقات كنائسية من الفتيات والفتيان لتوقع هذه الأناشيد والألحان بأصوات جميلة منتقاة تعمل على تشنيف الآذان وإطراب النفوس المؤمنة التي تؤم الكنيسة). ويذكر مع ذلك أن برديصان كان قد سبق مار أفرام بذلك ففي كتاب (الآلى المنثورة في الأقوال المأثورة )لقداسة البطريرك المثلث الرحمات يعقوب الثالث جاء ما يلي عن برديصان :
(ولد (برديصان) وثنياً وتنصر ورسم شماساً توسع في الشعر السرياني وأوزانه ووضع أناشيد باللغة السريانية افتتن بإنشادها الفتيان والفتيات في الرها ,تورط في معتقدات غريبة فنبذته الكنيسة )فجاء مار أفرام بالأغاني النقية القدسية واقتبس أوزان برديصان وألحانه وغّير في مواضيعها مما يتماشى مع المعتقد القويم فبذلك يأتي مار أفرام في مقدمة الآباء الذين ادخلوا الأناشيد والمداريش (مباحث) إلى الكنيسة وترك ميامر تناولت مواضيع مختلفة ويطول الحديث كثيراً في الحديث عن إنجازات مار أفرام السرياني في الكنيسة ذلك الشاعر الذي لقب بكنارة الروح القدس وداوؤد الثاني وملفان الكنيسة الجامعة ....ونبغ ملافنة آخرون مثل مار اسحق ,مار بالاي ,مار يعقوب السروجي الشاعر الموهوب حيث صاغ الألحان وألف أناشيد مناهضة لأصحاب البدع والعلامة جرجس أسقف العرب والخزافون (شمعون الخزاف)....كل هولاء وغيرهم ساهموا بنشر الألحان السريانية والموسيقى الكنسية ووضعوا ليتورجيات (نظام صلاة) في الكنائس ورتبوها وأكملت على يد القديس مار يعقوب الرهاوي 708 م والجدير بالذكر أنه في القرون الثلاث الأولى للمسيحية استعان المؤمنون بالألحان العبرية من مزامير داوؤدية ومن سفر الإنشاد والأمثال ومراثي إرميا وطلبة أشعياء.

وبذلك نستطيع القول أن الألحان الكنسية السريانية هي حصيلة :
1- ألحان وثنية سابقة للعهد المسيحي (عُمِدت) بتركيب مفاهيم الدين المسيحي عليها.
2- ألحان الآباء البعض من تأليفهم والبعض مقتبس من الهراطقة لكي يرد الآباء عليهم بألحانهم كما حدث مع مار أفرام و برديصان.




تأثير الألحان السريانية :

في مجال الموسيقى الشرقية : المقامات المستخدمة اليوم هي مقامات أساسها السلم الموسيقي السباعي القديم الذي عُثر عليه على القيثارة السومرية التاريخية ذات الأوتار السبعة حيث أُطلق على كل وتر اسم إله من ألهتهم فلنلقي نظرة على هذه المقامات ولنحللها :

1- بَيَا : بالعربية ) بياتي) = النزول ليلاً .لا يعطيها ذلك صفة موسيقية
بالسريانية تعني العزى السلوى وفيه صفة موسيقية.
2- حُوسنُا : بالعربية مشتقة من حسن وحسين ؟؟؟؟؟ بالسريانية تعني الرحمة –الترفق – الحنان ...
3- اوراك :وهي اسم مدينة قديمة في بلاد الرافدين (أوروك) وهو الاسم القديم للعراق
4- رأد : بالعربية (رصد) محورة عن الفارسية من قبل الأتراك (راست) : مستقيم -..
بالسريانية (الإصلاح – الإدراج – الإثبات)
5- اوجا : بالعربية (الأعلى ) بالتركية (الرأس الحاد)
بالسريانية (زهور –الميس – الريحان) وهذا المعنى يتناغم مع نوعية المقام
6- أبا : بالعربية (النسيم الشمالي الرقيق)
بالسريانية (الفرح –السرور-الصفاء)
7- عجم : بالعربية (غريب) وكان المقصود بها بلاد فارس
بالسريانية (رجوع –التفريغ –الهبوط) فإذا عرفنا أنه موسيقياً يبتدئ من مركزه الأعلى ثم يتفرغ رويداً رويداً إلى قراره بذلك يتوضح المعنى.


اقتباس أساقفة الغرب للألحان السريانية :

في بدء القرن الرابع المسيحي اقتبس أساقفة الكنيسة في الغرب ولا سيما اليونان واللاتين أشعارهم وأوزانهم الكنسية من السريان وذلك كما ذكر المؤرخ تيودور ين و لقد جاء في كراس للأب الخوري برصوم أيوب بعنوان (تأثير مار أفرام في الآداب) :

"وتحققت أخيراً أمنية الطوائف السريانية على عهد البابا بنديكتيوس الخامس عشر أن أيد في 1920/7/28 قرار مجمع الطقوس بأن يحصى مار أفرام شماس الرها وملفان الكنيسة الجامعة وفي عام 1920/10/5 موجه بابا الكاثوليك رسالة إلى العالم مطلعها (إمام الرسل)



حيث قال :

" في وسعنا أن نقر بأن الأناشيد الطقسية الموزونة اقتضبت عن مار افرام السرياني الذي ابتكر فن الموسيقى البيعية وعنه نقلها يوحنا الذهبي الفم إلى القسطنطينية ومار أمبروسيوس إلى ميلانو ومنها ذاعت على الأقطار الأوروبية كافة وفي عهد مار غريغوريوس الكبير 604 م بلغت منتهى الرونق والجمال"

وهنا أحب أن أشير إلى أن هذا التراث الموسيقي الكنسي كان مؤرشفاُ بصوت
البطريرك المثلث الرحمات يعقوب الثالث تسجيل كندا 1960 م وكون التراث مؤرش شفهياُ
فهذا يعني أنه معرض للضياع أو التحريف مع مرور الزمن لذا تم تدوين هذه الألحان بالنوتة الموسيقية في كتاب(بية جزا) من قبل الموسيقار الموهوب الملفونو نوري اسكندر وبدعم وبهمة المطران يوحنا ابراهيم مطران حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس... مع الإشارة إلى تدوين البيث كاز سابقاً أيضاً من قبل غربيين ولكنه لم يكن بالمستوى المطلوب ..


للمصداقية نذكر أيضاً تأثير الألحان السريانية الكنسية :



مع أن الكنيسة السريانية كان لديها ألحانها الخاصة من مداريش – معنيث – بواعث (طلبات) - ميامر –ابتهالات ...فإن الكنيسة حصلت فيها تأثيرات جانبية عن طريق رجال الدين الذين جاؤوا من جهات قبرص وكريت وجلبوا معهم ألحان يونانية دخلت منظومة الألحان السريانية تحت اسم (القوانين اليونانية ) وقد استنبطها آباء الكنيسة من أئمة اليونان حوالي 700 م وأضافها كل من مار يعقوب الرهاوي وجرجس أسقف العرب وهي منقولة من تأليف القديس (يوحنا الدمشقي) والراهب (قوزما ) الذي ابتكر ما يعرف بالقوقليون(دائرة):

زَديقاُ اخ دقل نفرع ؤ واخ ارزاُ دلبنُن نشوح
الصديق مثل شجر النخيل ينمو هاليلويا ومثل شجر أرز لبنان ينبت

موجز بسيط عن الأغاني الشعبية السريانية :

أهم الشعراء : نعوم فائق – المطران يوحنا دولباني – دنحو دحو – شابو باهي .....
أهم الملحنين : كبرئيل أسعد – بول ميخائيل – جورج شاشان – نوري اسكندر ...



وتنوعت مواضيع الأغاني من أغاني قومية لاجتماعية وتراثية وعاطفية وغيرها....
وقد أقيمت العديد من المهرجانات لإحياء التراث السرياني والحفاظ عليه من الضياع.

خاتمة :
نستشهد بقول نيافة مطران حلب للسريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم :
" لا نستبعد أن تكون ألحاننا لها علاقة بألحان المنطقة في عصر ما قبل المسيحية فلا يمكن أن تعيش أمم هذه الأرض دون الموسيقى التي ازدهرت في بقاع الرافدين وبلاد الشام في حدود الإمبراطوريتين البابلية والآشورية وفي كل الممالك الآرامية المنتشرة ".


المصادر :
1- الغناء السرياني من سومر إلى زالين............... جوزيف أسمر ملكي.
2- الأيثيقون .................................................ابن العبري.
3- الموسيقى السورية عبر التاريخ ..................... كبرئيل أسعد.
4- الموسيقى السريانية .................................... المطران يوحنا إبراهيم.
محاضرة لي ألقيت بتاريخ ....
28/4/2006 م
إعداد : كبرئيل السرياني .

صورة
صورة

أضف رد جديد