كلمة د. جبرائيل شيعا في الصلاة المشتركة على روح الشهيد مار ب

أخبار ـ نشاطات
أضف رد جديد
د. جبرائيل شيعا
قنشريني فعال
مشاركات: 54
اشترك في: الأحد ديسمبر 18, 2005 3:20 pm

كلمة د. جبرائيل شيعا في الصلاة المشتركة على روح الشهيد مار ب

مشاركة بواسطة د. جبرائيل شيعا » الاثنين مارس 24, 2008 10:08 pm

نص كلمة الدكتور جبرائيل شيعا التي ألقيت في الصلاة المشتركة في مدينة كيسن – ألمانيا في 24 آذار 2008م

بشم أبو وبرو وروحو قاديشو حاد الوهو شاريرو امين
الشهيد المثلث الرحمات المطران بولس رحو
13 آذار 2008م
قال الرب يسوع المسيح: "سيأتي وقت يظن فيه من يقتلكم انه يؤدي خدمة لله" (يوحنا 16 : 2). هذه الآية لها بعد مستقبلي طويل المدى، ينبئنا بها رب المجد بما سيحل مستقبلا لمن يسيروا في طريقه، فهو يفتح عيوننا وأذهاننا وعقولنا إلى مسألة مهمة جدا وهي: أن الصليب الذي سنحمله يجب أن نكون له شهودا حقيقيين لأنه صلب عوضا عنا وحمل خطايانا نحن البشر وانقذنا من الهلاك الأبدي.
أخوتي: أن سيف المجرمين النزلاء وفأس الحطابين الأشرار يسن يوميا ويرفع على رقاب الأبرار ليقطع به شجرة تلو الاخرة من حديقة المسيح على الأرض. وها هو اليوم قد قطعوا جذع أصيل باسق عتيد من حديقة الكنيسة المقدسة هو المثلث الرحمات بولس فرج رحو. لقد انطفأ ذاك السراج المبين الممتلئ بالزيت المشع نورا، الذي اضاء منه دروب الكثيرين من المتعبين وخفف الامهم وهمومهم ومتاعبهم وأوجاعهم. انهم بتروا جسد وسفكوا دم ذاك الخادم الامين، الراعي الصالح الذي عمل وكدح وتعب في حقل الكنيسة في خدمة مؤمنيها، وأبناء أمته في ابرشية الموصل وكل الوطن وخارجه. وهذا هو ذنبه كونه يسير في طريق الإيمان الصالح المكلل بالمحبة والتسامح والتواضع والاخاء، ولانه يسلك بمخافة الرب وفق المبادئ الإيمانية السامية. بعملهم هذا قضوا على براءة إنسان خدم الإنسانية، والكنيسة، والوطن، بكل جوارحه، وبإخلاص منقطع النظير.
فبالامس جاء الدور على سيادة المطران الجليل بولس ان يدخل طريق الجلجلة ويحمل صليبه المقدس بكل فخر واعتزاز، متحليا بقوة الرب وجسارة المؤمن الصابر. أعتقله المجرمون في 29 شباط 2008م فساقوه إلى التعذيب والاهانات، محاولين معه الكثير بان يتخلى عن ذرة رماد من إيمانه ويثنوا عن معتقده المستقيم وان ينكر مخلصه يسوع المسيح، ولكن كان المطران الشهيد صابرا على هذا العذاب، وبكل فخر، اصرا على الاعتراف بيسوع فاديا ومخلصا، واصر على البقاء والتمسك بتعاليم الحق، تعاليم السماء، تعاليم المسيح والتقيد بها. معلنا أنه ليس أفضل من اخوانه الشهداء الذين سبقوه بالمسير على طريق الشهادة من أجل الكلمة، كلمة حق، كلمة محبة، كلمة المسيح. وقف صامدا مسربلا بالإيمان شاهدا لسيده المخلص العجيب، معلنا بذلك قناعته بوضوح وشموخ وباسمى معاني الشهادة واعظمها، انها شهادة الدم. قدم نفسه قربانا ذبيحة دموية صادقة اقتداء بالحمل المذبوح (الفادي المخلص يسوع المسيح) في 13 آذار 2008م. فاستحق المطران وعد الله بالاعتراف به في ملكوت السموات. هكذا قال لنا ربنا يسوع المسيح: "من أعترف بي قدام الناس اعترف به أمام أبي السماوي" فكان المطران متشبها بمعلمه من جهة محبته لأعدائه وطلبه المغفرة لهم كما طلب رب المجد على الصليب من أبيه أن يغفر لأعدائه وصالبيه. "يا أبي أغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يفعلون."
استشهادك يا سيدنا بولس، علمنا قضايا كثيرة: اللتزام والتمسك بتعاليم السماء، والتقيد بمبادئ الإنسانية. علمتنا كيف يجب أن تكون الوطنية الحقيقية، وهي أن يسفك دم الإنسان المواطن البريء وهو متثبت بمبادئه ووطنه وتراب أرضه، فرحا وقانعا وراضيا ومؤمنا، بان إعادة بناء الوطن بغير جبلة الدم لا تكون، فالوطن بحاجة لمثلك يا أيها الشهيد البطل الجبار.
أيها الاعزاء: أن من قاموا ويقومون بمثل هذه الجرائم اللا إنسانية هم جماعة خالية من رائحة البشر ولا علاقة لهم بالايمان بالله بتاتا، ولا يمتلكوا قوانين لا دينية سماوية ولا بشرية إنسانية. هذه الاعمال لا يوجد لها مكان في اي شريعه او عرف ديني وإنساني، أن يقتل الإنسان أخوه الإنسان وبدون ذنب يقترفه إلا لكونه فقط إنسان مسالم، أمين، محب، مسامح، ومتواضع. هؤلاء المجرمون لا يفهمون لغه المحبه والشموع والاستنكار والتنديد، ولا يوجد في مفرداتهم كلمه محبه او تسامح أو غفران. اللغه الوحيده التي يجيدونها هي لغه القتل والتفجير والاختطاف، لغه السيوف وقطع الرؤوس. برهنوا للعالم كله أنهم من أصناف الوحوش الكاسرة، لأنهم يقضون بعملهم هذا على الإنسانية وعلى الأبرياء.
يا اخوتي أبناء أمتي الغوالي
لا يكفي فقط ان نستنكر ونشجب وندين ولا ولا مثل هذه الكلمات الرنانة الفارغة الغير مجدية فعليا. لنستيقظ من هذا الكابوس الرهيب المعشعش في قلوبنا ومسيطر على عقولنا، لننظر بعيدا وبمعقولية ولو مرة واحدة نحصي بها مأسينا ومصائبنا وما يجري لأبناء شعبنا. نرى وبكل وضوح تام أن سبب ذلك كله هو تقسيمنا إلى طوائف ومذاهب والتمسك بالقشور والتسميات الجزئية التي تفرفقنا وتبعدنا وتشتيتنا وتهجرنا أرضنا أرض الاباء والاجداد، أرضنا المقدسة أرض الرافدين، أرض الحضارات الأولى وأرض الشهداء الأبرار. كفانا ثبات ونوم طويل في الجحود والحفر والغرف المغلقة والتقوقع على شد الخلافات. الى متى أيها الناس نستمر بسماع مثل هذه الانباء المؤلمه القاتلة، هذه الجرائم البشعة والمجازر الجماعية والفردية بحق شعبنا المسالم الامين. ألا يكفينا ذلك كله، لنصرخ لنصرخ معا: للحق ونطلب العدالة ونسير إلى الوحدة واللتحام والشعور بالمسؤولية أتجاه أمتنا الأبية.
لنفتح عقولنا ونمد ايدينا ونبرز أقلامنا، ولا نقف عائق في مسيرة شعبنا. لتجتمع العقول والايادي والاقلام وتنصقل كل الافكاروالاراء من أجل الحفاظ على حياتنا وعلى هويتنا والتخلص من هذه المأسي والمصاعب والمجازرالتي يعاني منها أبناء شعبنا الاعزل المسالم والامين. هذا الشعب الذي صنع الحضارة والتاريخ صاحب الأرض الحقيقي، أليس هذا جرم وعدوانا أن يقتل ويدمر ويهجر قسرا. التخلص منه هو كارثة بشرية بكل معنى الكلمة.
لنناشد جميع قوى شعبنا الدينية والمدنية إلـى عـدم التلهـي بأمـور أو قضـايـا تؤدي إلـى المزيـد من الانشـقاقـات داخل البيت الواحــد. آن الأوان لتتكاتف وتتآزر كافـة مؤسـسـات شـعبنـا لنكون أكــثر قـدرة علـى الصـمود والمجابهـة بالوسـائل السـلميـة والديمقراطيـة وبالتـالي المطالبـة بحقوقنـا المشـروعـة في أرض "بت نهـرين" الخـالــدة.
لنصلي مرتلين مع الملائكة ولنشعل شموع الفرح لروح الشهيد المثلث الرحمات المطران بولس فرج رحو. طالبين من الله أن يبعد عنا كل شر وضيقة وامتحان، ليحل أمنك وسلامك يا رب جميع القلوب والبيوت. وأن تضع في قلوب المعتدين وكل المجرمين الرحمة والحنان وأن تفتح عقولهم وقلوبهم وتنور دروبهم ليسيروا على الطريق الصحيح طريق المحبة والتسامح طريق الإنسانية، لينظروا إلى البشر بانهم اخوانهم وشركائهم في العيش عليها. وان يحل الامن والسلام جميع المعمورة. نسأل الله أن يتغمد راحلنا الشهيد المطران مار بولس فرج رحّو بواسع رحماته، ويسكنه فسيح جناته، ويجعل مثواه مع الأحبار القديسين الراحلين، والعاملين المجدين، والشهداء الأبرار والصالحين، وفي أحضان شهداء كنيستنا القديسين. أختم كلمتي هذه مع كلمات سيدنا يسوع المسيح القائل:
" أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا (يوحنا 11 : 25)".
وليكن اسم الرب مباركا دائما وإلى الأبد أمين.
د. جبرائيل شيعا بيبرى ألمانيا 26.03.2008

أضف رد جديد