مقالات وآراءالكاهن هو الإنسان الذي نذر حياته لخدمة أخيه الإنسان وفي كل المناسبات والظروف. فهو الأب والأخ والصديق والمعزي والمشير والموجه والقائد. بالإضافة الى كل هذا فهو راعي الأيمان المسيحي. لذا فإن مهمته عظيمة وتتطلب دعم الرعية وتعاونها لكي تستمر الكنيسة بعطائها الروحي والإنساني. ولكن الكاهن ليس كاملاً في أعماله فله أخطائه ونواقصه فهو إنسان وبشر مثلي ومثلك بأحاسيسه ومشاعره. كما أنه ليس معقولاً أن يكون متواجداً للخدمة على مدار الساعة ، بل من حقه أن يكون لديه وقته الخاص للصلاة والتأمل أو لخدمة عائلته إن كان متزوجا.
فمنذ أن نشأت الكنيسة يقودها الأكليروس ببركة الرب ورعايته الواعدة ،فبقت وستبقى الكنيسه ثابتة وصامدة أمام العواصف والرعود كالصخرة الشامخة. إن علاقة الراعي مع الرعية والمجتمع كانت وما تزال بين مد وجزر وبين تناغم وتنافر، وتغيرت كثيراً خلال ربع القرن الأخير، بسبب تطور المجتمع السريع. وفي عصرنا صارت نظرة الناس إلى الكاهن مختلفه وتوقعاتهم احيانا غير عملية أو غير واقعية . ولذا باتت آراء الناس عن الكاهن تتراوح بين المدافعة عنه أو إلى المشاكسة والنقد الجارح، ولكل فريق حججه وآرائه. وأنا لن اتدخل لتقييم هذه الآراء لكن أود أن اتسائل واسألكم ايضا لماذا هناك كنائس رعيتها في أزدياد وأزدهار وأخرى رعيتها ثابتة العدد وبعض الكنائس رعيتها في انحسار؟
حتما إن عدم أزدهار الرعية أو تناقصها هو أمر مقلق للراعي أولا وللرعاة والكنيسة كلها ثانياً. فعلى سبيل المثال في مدينة غيلفورد قرب لندن هناك كنيسة انكليكانية مميزة تعج فيها العائلات في صلاة الأحد لدرجة انك قد تضطر أن تقف في الشارع. لذا اعلن الكاهن عدة مرات انه لن يقبل أعضاء جدد ووجههم إلى كنائس أخرى ولحل المشكلة ايضاً صار يعمل قداسين يوم الأحد. بينما نرى في نفس المنطقة هناك كنائس بلا رعية ومهددة بالأغلاق. وهذا الوضع صار ينطبق على كل الكنائس ومنها السريانية ايضاً.
فأين هو السر في هذا؟
باعتبارأن الكاهن هو اشبه بقائد لسفينة الكنيسة، فوجب عليه أن يحافظ على سلامة السفينة وأن يسعى لزيادة عدد ركابها إن أمكن. وهنا أود أن اضع نفسي في مكان الكاهن -إن سمحتم لي وبإذن من الأكليروس- وأتسائل *ماذا سأفعل لوكنت كاهنا* ؟ وجوابي باختصار هو:
أولا، لو كنت راعي في مثل هذه الكنيسة المزدهرة فسأسعى جاهداً لأن أشارك سر نجاحي مع الآخرين للإفادة الجماعية. ولا أعتقد ان ها يطبق حاليا بين الأكليروس بشكل واسع.
ونظريا لو كنت أنا كاهناً لكنيسة رعيتها ثابتة العدد أو في انحسارفسأقلق حتما لمستقبلي ومستقبل رعيتي ولذا فعلي أن أفعل شيئاً لتغييرالوضع. فماذا سأعمل يا ترى لتحسين الحالة التي أنا فيها؟
فبعد دراسة وتمحيص الأسباب والعوامل ومحاولة التعامل معها أعتقد سأتخذ كل أو بعض هذه الأجراءات التي قد تبدوغريبة للوهلة الأولى:
1. سأخصص نصف مدخولي لمدة 6 أشهر لتوفير السندويشات أو الكاتو أو الحلويات للمؤمنين بعد القداس وأيضا بتقديم الهدايا للأطفال. إن نوعية الطعام أو الهدايا ليست الهدف بقدر ما تكون الرغبة هي في مكافأة أصدقاء الكنيسة،وفعلي هذا سيزيدني اصراراً على الرغبة في النجاح.
2. سأعمل جاهداً لتوفير صالة مريحة لجمع الرعية بعد القداس وبهدف اللقاء الجماعي حيث أن غالبية كنائسنا اليوم تفتقر لهذه الخدمة الضروية ،لذا الرعية للأسف تترك الكنيسة فور أو حتى قبل انتهاء القداس. كنائسنا في اوروبا اليوم تعلمت من الغربيين هذه الظاهره وطبقتها.
3. سأخصص وقتاً من الأسبوع للإتصال بالرعية الغائبة عن الكنيسة وأستفسرعنها وعن سبب غيابها وأشجعها للمشاركة.
4 . إن كان بالامكان التغيير بين الحين والآخر فسأدعوا كاهن من رعية أخرى لزيارة الكنيسة والمشاركة في القداس والوعظة للتنويع والتجديد.
5. سأطلب من احد الشمامسة تخصيص 5-10 دقائق في نهاية القداس الى إذاعة أخبار مهمة من الأبرشيات بعد نهاية الوعظة لان هناك الكثير ممن لا يتصفحون الانترنت.
6. التجديد ثم التجديد ثم التجديد لأن التوقف عند نفس الروتين والحالة يجلب الملل للنفوس والفتور والنفور احيانا. يجب أن يكون لكل كاهن فعال خطة خمسية، أي كل 5 سنوات. لم يعد من المقبول اليوم لمدير اية شركة أو مؤسسة أو طبيب في المشفى أن يستمر في عمله بدون خطة خمسية ،فلماذا لايدخل هذا المعيار ياترى في نظام تعليم وتهيئة وتقييم الكهنة ايضا؟
7. العمل والصلاة والمثابرة وثم المثابرة وثم المثابرة ،لأن الرب قال اسألوا تعطوا .. أطلبوا تجدو.. أقرعوا يفتح لكم.
التحديات جمة في وجه الكاهن ولكني أعرف كاهناً صلب العزيمة متفهما لرغبات رعيته الكثيرة والمتعبة أحيانا وبرغم كل الشوك على الطريق فهو مستمر في عمله من أجل رفع راية كنيسته عالياً وله منى كل الأعجاب والأحترام. وهناك مثل انكليزي يقول: If he can do it I can also do it . إن كان هو قادرا أن ينجز فأنا سأقدر
أنا واثق بعد فترة سيتقدم اهل الخير لدعم بعض هذه الأفكار ولن يطول الوقت لكي أرى زيادة في عدد الرعية وعطاياهم والجميع هنا سيستفيد.
عزيزي القارئ إن كان لديك اقتراحات أخرى أرجو أن تكتب لي وأتمنى أن استطيع جمع أفكاركم وتقديمها الى سلك الكهنوت للأضطلاع عليها.
