وحينما اقترب يوم التخرُّج، كان الشاب ينتظر علامةً أن أباه قد اشترى له السيارة.
وفي صباح يوم احتفال الجامعة بالتخرُّج، ناداه والده إلى مكتبه، وتحدَّث معه في ودٍّ شديد أنه يفخر بأن له ابناً نابهاً مثله، وأنه لذلك يعتزُّ جداً به ويحبه. وملأ هذا الحديث قلب الشاب بالفرح منتظراً الهدية.
ومدَّ الأب يده، وأخذ من على مكتبه صندوقاً مُغلَّفاً بورق الهدايا جميل الشكل.
وبحب استطلاعٍ، ولكن مع بعض الضيق، فتح الشاب الصندوق، ووجد بداخله كتاباً مقدَّساً مجلَّداً تجليداً فاخراً بالجلد، ومبصوماً عليه بالذهب اسم الشاب.
وباندفاعٍ شديد، وغضب، وقف الابن صارخاً في أبيه:
- ”بكل ما عندك من مال، تكون هدية تخرُّجي كتاباً مقدَّساً!“
واندفع بسرعةٍ إلى باب البيت، وخرج غاضباً إلى الخارج، وصمَّ أُذنيه عن نداءات أبيه له.
خرج الشاب وسافر إلى العاصمة يبحث عن عمل، وعاش بعيداً عن بيته، ومُقاطِعاً والده.
لكنه بعد سنواتٍ من العمل صار ناجحاً، وتزوَّج بعيداً عن أهله؛ لكنه كان يُفكِّر في أبيه الذي صار طبعاً رجلاً كهلاً، وفكَّر في أنه ربما يُحاول أن يذهب ليزوره.
وقبل أن يُرتِّب ليوم سفره، إذا به يُطالِع في الجريدة الصباحية، وفي صفحة الوفيات، إعلان وفاة والده!
فاتصل بأحد أصدقائه في البلدة التي كان يعيش فيها مع والده، مُستفسِراً عن ظروف وفاة والده. فأخبره صديقه أنه لابد أن يأتي فوراً إلى منزل والده، لأنه عرف أن والده أوصى بكل مقتنياته لابنه.
وحينما وصل الشاب إلى منزل والده، كان الحزن والأسى قد ملآ قلبه؛ إذ تذكَّر آخر يوم كان في البيت قبل أن يُغادره غاضباً.
وبدأ الشاب يفحص أوراق أبيه الهامة، فوجد الكتاب المقدس بحالته التي تركها عليه، والصندوق الذي كان يحويه ملفوفاً بالورق المزخرف الخاص بالهدايا كما كان منذ أعوام.
وبينما الدموع تترقرق في عينيه، بدأ يفتح الكتاب المقدس ويُقلِّب صفحاته. فوجد أن والده قد وضع خطّاً بالحبر الأحمر تحت إحدى الآيات:
+ «فإن كنتم وأنتم أشرار، تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة؛ فكم بالحري أبوكم الذي في السموات يَهَبُ خيرات للذين يسألونه» (مت 7: 11).
وبعد أن قرأ هذه الآية، رفع رأسه وهو يُفكِّر، وإذا بشيءٍ ما يقع من ظهر الكتاب المقدس! فالتقطه من على الأرض، وإذا به مفتاح سيارة وبطاقة مطبوع عليها اسم صاحب معرض السيارات، وهو نفس المعرض الذي رأى فيه الشاب السيارة التي تمنَّى أن يشتريها له أبوه منذ سنوات.
وكان مطبوعاً على البطاقة تاريخ تخرُّجه من الجامعة، وكلمة أخرى مكتوبة بالخط الثقيل: ”الثمن مدفوع بالكامل“. وعلى البطاقة ختم وتوقيع صاحب معرض السيارات!
+ + +
? كم من المرات تضيع منَّا الفُرص السعيدة، لأننا لم نَرَ وراءها تحقيق آمالنا!
+ «انظروا إلى أنفسكم لئلا نُضيِّع ما عملناه، بل ننال أجراً تاماً» (2يو

منقول