مأساة عازف الكمان

لطرح ومناقشة كافة المواضيع الثقافية
ashor
مشرف عام
مشاركات: 4162
اشترك في: الجمعة سبتمبر 17, 2004 7:55 pm
مكان: syria

مأساة عازف الكمان

مشاركة بواسطة ashor » الاثنين ديسمبر 10, 2007 9:18 pm

[align=center]+++




اخوتي الافاضل

احب ان اضيف قصة وهي من روائع القصص العالمية وتصلح لثلاثة اجيال من الأعمار
اطفال ومراهقين وكبار ولكنني رأيت انه لمن الأنسب ان اضعها في الثقافي لأنها تحتوي على خيال واسع وكتابة قريبة من البساطة بحيث تسمح للجميع من استيعابها .
ولكنها طويلة نوعاً ما ولكنها مشوقة سأحاول ان اضعها في عدة حلقات ...
اتمنى ان تعجبكم ..



مأساة عازف الكمان

الحلقة الاولى

تسللت نسمات رقيقة حانية في تلك الليلة من ليالي الصيف الحارة.. وبددت بحركتها قليلا من الحر السائد منذ أيام عديدة .. وفي غرفتها الصغيرة كانت هيلين مستلقية فوق سريرها الصغير وهبات النسيم الرقيقة تتسلل من نافذة الشرفة الملحقة بغرفتها وتتخلل خصلات شعرها الأشقر الناعم وتعبث بالستارة الوردية الرقيقة المثبتة على باب الشرفة الذي فتحته لتسمح للنسيم بالمرور..

كان الجو حارا قليلا ويغري بالاسترخاء مما جعل هيلين تغمض عينيها في تراخ وتسمح لجسدها بأن يتمتع بالراحة بعد يومها الذي كان شاقا .. وفجأة تناهت إلى مسامعها أنغام رقيقة للغاية تقطر حزنا وعذوبة تأتي من الخارج ..

اعتدلت هيلين في جلستها وأصاخت السمع أكثر كي تتأكد أن ما تسمعه ليس وهما ..
بالفعل أنها نغمات رقيقة جدا تأتي من جهة شرفتها وتتسلل في رفق وحنان إلى داخل غرفتها بل الى أذنيها وكيانها كله.. نغمات حزينة شعرت أنها تتغلغل إلى أعمق أعماق روحها فتحرك فيها عشرات المشاعر والأفكار ..
وتسمرت هيلين في مكانها تماما وهي منسجمة مع النغمات الحزينة لذلك اللحن الساحر وشعرت بكيانها كله يسبح بعيدا جدا وكأنه اصبح في مجرة أخرى من الكون ..

ثم توقف اللحن فجأة وانتفضت هيلين مع انقطاعه المباغت وكأنها تستيقظ من حلم.. وشعرت بلهفة بالغة لمعرفة من اين جاء هذا اللحن الحزين, فقفزت من فراشها في خفة ودست قدميها الرقيقتين في الخف الموضوع اسفل الفراش وأسرعت الى الشرفة تزيح الستارة الرقيقة وتحاول أن تستشف مصدر هذه الموسيقى العذبة ..

ولوهلة.. خيل إليها ان ذلك الشارع الهادىء الذي تطل عليه شرفتها خال تماما لكنها بعد أن أمعنت النظر استطاعت أن تراه جالسا هناك ..
كان فتىً وسيما له ملامح جميلة وتقاطيع نبيلة كأنها لاحد فرسان العصور الوسطى بشعره الأسود الفاحم وعيناه السوداوان اللتان تنافسان سواد شعره .. أما أغرب مافي هيئته فكان ثيابه ..
كانت ثيابه من لون واحد هو الاسود فقط.. حتى ربطة العنق التي يرتديها كانت سوداء وحذاءه ذا لون أسود أيضا واشترك كل هذا مع هيئته ليضفي عليه هالة غامضة وجذابة في نفس الوقت ..
وكان يمسك في يده بكمان صغير قدرت هيلين أنه مصدر تلك الالحان الحزينة ..

كان القمر مكتملا في تلك الليلة مما جعل الرؤية واضحة تماما لعيني هيلين.. وكان ضوء القمر يسقط على ذلك الشاب فيكسبه هالة ساحرة من الغموض والروعة في مزيج لا يوصف ..

لم يكن الشاب ينظر لها على الإطلاق بل كان جالسا على مقعد عتيق عريض يستقر هناك في جانب الشارع .. وكان يمسك في يده بذلك الكمان الصغير وينظر إلى ناحية المنزل المجاور لمنزل هيلين.. كان الشاب يبدو وكأنه لا يشعر بأي شيء حوله وهو يرنو ببصره لذلك المنزل الذي يبدو مظلما تماما ولا حياة فيه.. مرت ثوان وهو في هذا الوضع وخيل لهيلين وكأن الهواء ذاته قد توقف في هذه الثوان.. ثم نهض الشاب من جلسته وبدأ يتحرك في هدوء وبطء ليقطع الشارع ويتوارى في الظلام الذي بدد القمر المكتمل الكثير من عتمته ..

ولدقائق لم تدر عددها ظلت هيلين في مكانها مسمرة غير مصدقة لهذا المنظر العجيب الذي رأته قبل قليل ..
ثم انتفضت فجأة وكأنها تستفيق من حلم لذيذ وسرت في جسدها قشعريرة خفيفة وهي ترنوا ببصرها محاولة اختراق حجب الظلام ..
لم يكن هناك سوى الصمت وضوء القمر الذي يفترش أرضية الشارع الذي كان ساكنا خاليا.. ولم تجد هيلين بدا من العودة لغرفتها وهي تتساءل في حيرة عن كنه هذا الشاب الغامض صاحب الكمان وعن الذي يفعله في هذا الوقت وفي هذا المكان بالذات

لم تستطع النوم بسهولة وهي تفكر في ذلك المشهد وتستعيد تلك الانغام الساحرة التي أخذتها لعالم اخر تماما .. ترى من يكون هذا الشاب وما الذي يبحث عنه في المنزل المقابل

كانت هيلين وأسرتها الصغيرة المكونة منها ومن والدها بعد رحيل والدتها منذ سنوات قد أنتقلوا للعيش في هذه البلدة بسبب ظروف عمل والدها التي جعلته يسافر مع ابنته الوحيدة ويستأجرا هذا المنزل منذ أيام معدودة ..
بالتالي لم تكن تعرف الكثير بعد عن المنطقة والحي الذي تقطن فيه لكنها كانت تعلم على الاقل ان ذلك المنزل المجاور مهجور تماما ولا يسكن فيه أحد ..كان ذلك ظاهرا لاي شخص ينظر الى المنزل من الخارج ويلاحظ الابواب الموصدة والنوافذ التي لا ينبعث منها أي ضوء في الليل ..

وبعد أن تقلبت كثيرا في فراشها قررت ان تنسى الأمر ولو مؤقتا وان تحاول ان سنحت الفرصة ان تعرف أكثر عن ذلك المنزل الغامض لعلها بالتالي تعرف ما قصة هذا الشاب ..

كان اليوم التالي عاديا وانشغلت هيلين في تجهيز العديد من الامور في المنزل ومساعدة والدها في ترتيب بعض الاشياء واللوازم الضرورية وقد استغرق هذا النهار بأكمله مما جعلها تنسى حكاية ذلك العازف لبعض الوقت ..

وحين أقبل الليل وهي في غرفتها عادت تفكر في أحداث الليلة السابقة وتتساءل في سرها هل سيظهر ذلك الشاب مرة أخرى

وفي هذه المرة لم تستطع ان تمكث في غرفتها فغادرتها إلى الشرفة الصغيرة وجلست على كرسي صغير موضوع هناك وهي ترنو ببصرها هنا وهناك وكأنها تبحث عن ذلك الشاب الغامض ..

كان ذلك الشارع الذي تظل عليه غرفتها عريضا إلى حد ما يحده من جانبه الأيسر منزل هيلين وذلك المنزل المهجور وبيت اخر صغير يقع في اقصى طرف الشارع وفي الوسط هناك كنيسة قديمة لها ساحة عريضة تبدو مهجورة أيضا.. ومن الجانب الأيمن يطل الشارع على مجرى لنهر صغير يمتد لمسافة طويلة ويفصله عن الشارع سور حديدي قديم نوعا ما.. وارض الشارع نفسها مرصوفة بحجارة رمادية عريضة تعطيه مظهرا جميلا برغم قدمها ..وهناك جهة الكرسي الذي جلس عليه العازف توجد سنديانة عتيقة يستند ظهر الكرسي على جذعها القديم ..

كانت هيلين تتأمل كل هذه التفاصيل بينما ضوء القمر يفترش الأرض أمامها ويلامس سطح النهر فتتألق قطراته بضوء فضي هادىء يبعث النشوة في النفس ..

وغرقت هيلين تماما في تأملاتها ولم تفق منها الا حين لمحت خيال ذلك العازف وهو يدنو ببطء من ذلك الكرسي.. والغريب ان خطواته لم يكن لها صوت مسموع ولولا دخوله في مجال رؤيتها لما عرفت بقدومه ..
وفي هدوء شديد اتخذ ذلك الشاب مجلسه.. كان يرتدي نفس الملابس السابقة والكمان الصغير بين يديه وعيناه في إتجاه ذلك المنزل المهجور ..

وحبست هيلين أنفاسها وهي تراقب هذا المشهد في فضول وافتتان بدون ان تبدر عنها أدنى حركة.. وبعد لحظات قصيرة رفع ذلك الشاب الكمان إلى كتفه وبدأ يعزف عليه دون أن تفارق عيناه ذلك المنزل ..
وانطلقت الالحان العذبة الساحرة وشعرت هيلين بأنه لم يعد لها وجود مادي وهي تحلق في عوالم أخرى خيالية وتشعر انها تكاد تمتزج بذرات الكون ذاتها لتشاركها رقصتها الأبدية ..

لم تدر كيف ولا متى توقفت الالحان إلا حين شعرت بذلك الصمت يطبق على كل شيء وكأنما يشعر الهواء ذاته بالاعجاب تجاه تلك الالحان حتى انه توقف وتجمد تماما ..

ولم تشعر هيلين بنفسها الا وهي تصفق بكفيها في حرارة واعجاب بذلك العزف الفريد الذي سمعته.. ثم توقفت فجأة وقد خيل اليها ان الشاب سينتبه إليها مع سماع صوت تصفيقها ووضعت يدها على فمها في ترقب وهي تتابعه ببصرها منتظرة ردة فعله ..
لكن العجيب أن الفتى لم يبد وكأنه سمع شيئا وهو لا يزال في مكانه بنفس وضعيته السابقة ينظر في هدوء إلى ذلك المنزل ..
ثم - بنفس الهدوء - نهض من جلسته واستدار منصرفا ومبتعدا عن مجال نظر هيلين ..

ولم تنبس بحرف وهي تتابعه ببصرها في اهتمام والظلام يبتلعه ..ويبتلعه ..

لم تغير من جلستها هناك لاكثر من ساعة كاملة وهي تفكر في هذا كله ..
ما هذا الذي يحدث أمامها من هذا الشاب ومن اين جاء ولماذا يجيء الى هذا المكان بالتحديد
هل هو يأتي كل ليلة ويفعل نفس الشيء .. مستحيل والا كانت شعرت به من قبل وهم في هذا المنزل منذ أربعة أيام تقريبا ..
ما السر الذي يخبئه خلف مظهره الغامض وعزفه الساحر
ثم ما قصة ذلك المنزل الذي يجلس في مقابله ولا يرفع بصره عنه

شعرت هيلين أن عقلها يكاد ينفجر من شدة التفكير .. واكتنفها إرهاق شديد جراء جهد النهار فقررت ان تخلد للنوم وهي عازمة على أن تفعل المستحيل لتعرف سر هذا الشاب ..


نهاية الحلقة الأولى

...[/align]
صورة

هذا التوقــيع من تصميم الاخـت تـوتا مشكــورة

*************************

om-George
مشرف إداري
مشاركات: 7299
اشترك في: السبت يونيو 30, 2007 10:09 pm
مكان: كاليفورنيا

مشاركة بواسطة om-George » الاثنين ديسمبر 10, 2007 9:28 pm

روعة
مكتوبة بطريقة سلسة كتير


متابعين
حاشا لي أن أفتخر الا بصليب ربي و الهي ومخلصى يسوع المسيح

اصغ للانجيل المقدس
http://www.thegrace.com/audio/index.htm[/color]
http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/
سير القديسين

صورة العضو الرمزية
wardi
قنشريني ماسي
مشاركات: 3956
اشترك في: الأحد إبريل 15, 2007 10:25 pm
مكان: كندا

مشاركة بواسطة wardi » الاثنين ديسمبر 10, 2007 10:27 pm

حلو ايمتئ الجزء الثاني

ashor
مشرف عام
مشاركات: 4162
اشترك في: الجمعة سبتمبر 17, 2004 7:55 pm
مكان: syria

مشاركة بواسطة ashor » الثلاثاء ديسمبر 11, 2007 6:33 pm

+++


اشكرك جداً اختي ام جورج على مرورك الذي اسعدني

اشكرك جداً اختي wardi على اهتمامك وتشجيعك

اتمنى ان اكون قادراً على ارضاء اذواقكم الثقافية الاصيلة .

آشور


.
صورة

هذا التوقــيع من تصميم الاخـت تـوتا مشكــورة

*************************

ashor
مشرف عام
مشاركات: 4162
اشترك في: الجمعة سبتمبر 17, 2004 7:55 pm
مكان: syria

مشاركة بواسطة ashor » الثلاثاء ديسمبر 11, 2007 6:42 pm

[align=center]+++

الحلقة الثانية من مأساة عازف الكمان



وكان من حسن حظها ان اليوم التالي لم يكن فيه عمل كثير فقد كانوا قد انتهوا تقريبا من ترتيب وتنسيق كل شيء .. وانصرف والدها إلى عمله وبقيت هي في المنزل وحيدة ..

لم تكن الدراسة قد بدأت بعد ناهيك عن أن إكمال إجراءات انتقالها لإحدى المدارس هنا يحتاج إلى تنسيق وإجراءات طويلة يقوم بها والدها , بالتالي كان لديها متسع من الوقت لتفعل فيه أي شيء ..

كانت قد أحضرت معها كمية كبيرة من الكتب كي تقرأها في وقت فراغها الذي قدرت انه سيطول كثيرا خصوصا وهي لا تعرف أحدا بعد في هذا المكان الجديد.. وهكذا امسكت بأحد الكتب وبدأت في قراءته .. لكنها لم تستطع ان تركز مع الكتاب على الاطلاق ..
طوال الوقت كانت أفكارها تتجه إلى ذلك المشهد الذي رأته مرتين ..
وكلما حاولت التركيز وطرد الامر عن ذهنها تكتشف أنها تفشل في هذا تماما .. إلى أن شعرت بالضيق من هذا كله فطوحت بالكتاب جانبا وأرجعت رأسها إلى الوراء وهي تحاول أن تسترخي في مجلسها ..

كان ذلك المشهد يشغل تفكيرها ويشعل فضولها الانثوي الى اقصى حد وادركت انها مهما فعلت لن تستطيع ان تبعد ذلك الامر عن ذهنها ..
وهكذا قررت أن تخرج قليلا وتتعرف على هذا الحي الصغير الذي تقطنه ..

كان الحي يقع في منطقة هادئة للغاية.. مما جعل الشارع الصغير الذي يقع منزلها فيه اشبه بالمكان المهجور.. هناك العديد من الشوارع التي تشبه في مظهرها وحجارتها المرصوفة شارعها والبيوت الصغيرة تصطف على الجانبين بحدائقها الصغيرة الجميلة وذلك النهر يغير اتجاهه من مكان لاخر حتى يصل مجراه إلى ذلك الطريق العريض الذي يقع فيه منزلها.. كانت بلدة صغيرة وجميلة في نفس الوقت.. لم تستغرق جولتها طويلا اذ سرعان ماشعرت بالملل فعادت أدراجها وحين وصلت الى قرب الشجرة العجوز وذلك الكرسي العتيق اسفلها شعرت برغبة في أن تجلس عليه قليلا.. كان الكرسي مريحا إلى حد ما وحين جلست عليه لاحظت ان ذلك المنزل يبدو واضحا أمامها بطابقيه وتلك الشرفة التي تبرز من واجهته لتطل على الناحية التي تجلس عليها الان.. شرفتها ايضا كانت واضحة من هذا المكان لكن العجيب ان ذلك الشاب يبدو وكأنه لا يهتم لاي شيء حوله سوى بذلك المنزل الغامض مثله ..

كان الجو صحوا إلى حد ما مما جعلها تسترخي لفترة في مكانها وهي تستمع لاصوات العصافير العذبة وفي أعماقها كانت تشعر ان عزف ذلك الفتى أكثر عذوبة من غناء هذه العصافير..

بعد أن مكثت في مكانها لأكثر من ساعة شعرت هيلين أن عليها العودة للمنزل وهناك كان والدها قد عاد فأمضت بعض الوقت معه وسألته عن احوال عمله الجديد وقضيا بعض الوقت في الكلام وتناول طعام الغداء ..

حين أقبل المساء هذه المرة خيل لهيلين أنه تأخر دهرا كاملا .. فقد كانت ترتقب موعد الليل الذي يصل فيه ذلك العازف الغامض ليسحر الجو والمكان بألحانه العذبة ..

وفي تلك الليلة تكرر نفس المشهد بحذافيره .. وظلت هي في مكانها في الشرفة تراقب ذلك العازف حتى انتهى من عزفه وغادر المكان في هدوء وصمت ..

وهكذا كانت هيلين في اليوم التالي تتمنى لو استطاعت ان تجعل ساعات النهار تنقضي بسرعة كي يأتي الليل وتمتع أذنيها بذلك العزف الرقيق.. تلك الألحان الملائكية سحرتها تماما وجعلتها تتلهف على سماعها وتنتظرها في شوق ولهفة ..
وحين جاء الليل اخيرا اتخذت نفس المجلس في شرفتها وهي ترمق الشارع مترقبة وصول ذلك الفتى في موعده الثابت الذي عودها عليه لثلاث ليال متصلة ..

ولكن الوقت مضى دون ان يظهر ذلك العازف .. وطال الوقت حتى ايقنت هيلين أنه لن يأتي في هذه المرة.. ولكن لماذا
ظل هذا السؤال يشغلها طوال الليل وهي تتقلب في فراشها وتتساءل عن سر إختفاء الشاب في هذه الليلة
هل اصيب بمكروه اضطره للبقاء في بيته ولكن هل له بيت أصلا أنه يبدو كما لو انه يجيء من العدم ذاته
أنها لا تعرف عنه أي شيء وربما يكون شيئا ما اصابه وعطله عن المجيء ..

شعرت بغصة في أعماقها حين وصلت لهذه النقطة من التفكير ووجدت نفسها تتمنى في اعماقها ان لا يكون قد اصيب بأي مكروه
وشعرت بالعجب من افكارها هذه .. ماعلاقتها هي بهذا العازف الغامض
ولماذا تتمنى في اعماقها ان يكون بخير وأن يأتي مجددا
ظلت تخوض في هذه الأفكار والأسئلة حتى طلع النهار ولم يغمض لها جفن ..

وحين عاد والدها لاحظ أن ابنته تبدو شاحبة ومتغيرة قليلا لكنه عزا هذا الى كونها لم تتأقلم بعد مع المكان الجديد أو ربما شعرت بالحنين لبلدتها الأولى ..
أما هيلين نفسها فلم تكن أفكارها تدور طوال الوقت الا حول ذلك العازف الغامض وسبب اختفائه غير المبرر ..

وحين جاء الليل جلست كالعادة في الشرفة منتظرة ومترقبة وإن أنبأها قلبها بأنه لن يأتي هذه الليلة ايضا ..
وصدق حدسها للاسف .. ومرت الساعات ولم يظهر أثر لذلك الفتى ...
وشعرت هيلين بحسرة بالغة واسف كبير ..

وطوال الاسبوع الذي تلى تلك الليلة لم تكف عن الجلوس في الشرفة في كل يوم حين يجن الليل على أمل ان يظهر ذلك العازف ولكن بدون أي فائدة ..
وأنتابها الضيق الشديد جراء هذا وودت لو أنها تعرف فقط ما الذي جرى لذلك الفتى ولماذا لم يعد يجيء

وفي الاسبوع التالي كانت إجراءات تسجيلها في المدرسة قد تمت وبدأت تذهب للمدرسة يوميا وتعود في موعد ثابت لتجد والدها بانتظارها في البيت.. وبين الحين والحين يأخذها والدها للنزهة وللتعرف على هذه البلدة الصغيرة التي انتقلا إليها.. وقد بذل والدها جهدا كبيرا وهو يحاول ان يرفه عن ابنته الوحيدة ولا يجعلها تشعر بالغربة او الملل.. لكن هيلين لم تكن تشعر بهذه المشاعر بذات القوة بسبب قصة ذلك العازف التي استولت على معظم تفكيرها ..

وفي المدرسة كانت تحاول ان تركز في الدروس وتحاول أن تتأقلم مع وضعها الجديد , كانت تشعر أحيانا بالحنين الى مدرستها القديمة وبلدتها الصغيرة لكنها كانت تحاول ان تتناسى هذا ..

وهكذا مضت الايام رتيبة عادية بالنسبة لهيلين وإن واظبت كل يوم على الجلوس في الشرفة لعل ذلك العازف يظهر ولكن بدون فائدة ..

ومر شهر كامل منذ أول ليلة رأته فيها هيلين ذلك الشاب.. وفي تلك الليلة كانت في غرفتها تقرأ في احد الكتب وقد يئست من الجلوس في الشرفة وإذا بأنغام حزينة عذبة تتسلل إلي مسامعها .



نهاية الحلقة الثانية...


.....[/align]
صورة

هذا التوقــيع من تصميم الاخـت تـوتا مشكــورة

*************************

om-George
مشرف إداري
مشاركات: 7299
اشترك في: السبت يونيو 30, 2007 10:09 pm
مكان: كاليفورنيا

مشاركة بواسطة om-George » الثلاثاء ديسمبر 11, 2007 8:27 pm

منتظرين البقية
حاشا لي أن أفتخر الا بصليب ربي و الهي ومخلصى يسوع المسيح

اصغ للانجيل المقدس
http://www.thegrace.com/audio/index.htm[/color]
http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/
سير القديسين

صورة العضو الرمزية
wardi
قنشريني ماسي
مشاركات: 3956
اشترك في: الأحد إبريل 15, 2007 10:25 pm
مكان: كندا

مشاركة بواسطة wardi » الثلاثاء ديسمبر 11, 2007 10:15 pm

تسلم اشور . متابعين

صورة العضو الرمزية
قمر
مشرف إداري
مشاركات: 9196
اشترك في: الأحد سبتمبر 24, 2006 7:02 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة قمر » الأربعاء ديسمبر 12, 2007 2:26 am

حلوة كتير روعة يسلمو ايدك
بتعرف انا بحب كتير القصص القديمة
امتا الجزاء التالت بدنا نعرف شو سر الشاب العازف
صورة

2014

silvy
قنشريني هام
مشاركات: 789
اشترك في: الثلاثاء مارس 06, 2007 7:08 am
مكان: syria _aleppo
اتصال:

مشاركة بواسطة silvy » الأربعاء ديسمبر 12, 2007 12:58 pm

ايه أخ آشور نا كمان شدني الفضول لأعرف قصة هالعازف الغامضة
ما تتأخر علينا بالحلقة التالتة
قصة حلوة كتير
شكرا على ما ترويه لنا من حكايات
مع محبتي
سيلفا

صورة العضو الرمزية
nahren
مشرف إداري
مشاركات: 6425
اشترك في: الأربعاء مارس 28, 2007 6:58 am

مشاركة بواسطة nahren » الأربعاء ديسمبر 12, 2007 5:16 pm

اخي اشور فعلا القصة مشوقة
نحن بأنتظار ان نعرف مأساة عازف الكمان كاملة .

لا ادري كيـــــــــــــف لكــن أعلــم أنه يســتجيب
أرفـــــع شـــكواي اليه وهـــو لا شـــك يــــجيب

om-George
مشرف إداري
مشاركات: 7299
اشترك في: السبت يونيو 30, 2007 10:09 pm
مكان: كاليفورنيا

مشاركة بواسطة om-George » الأربعاء ديسمبر 12, 2007 5:19 pm

وين الحلقة الثالثة يلا منتظرين
حاشا لي أن أفتخر الا بصليب ربي و الهي ومخلصى يسوع المسيح

اصغ للانجيل المقدس
http://www.thegrace.com/audio/index.htm[/color]
http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/
سير القديسين

صورة العضو الرمزية
nahren
مشرف إداري
مشاركات: 6425
اشترك في: الأربعاء مارس 28, 2007 6:58 am

مشاركة بواسطة nahren » الأربعاء ديسمبر 12, 2007 5:24 pm

اخي اشور فعلا القصة مشوقة
نحن بأنتظار ان نعرف مأساة عازف الكمان كاملة .

لا ادري كيـــــــــــــف لكــن أعلــم أنه يســتجيب
أرفـــــع شـــكواي اليه وهـــو لا شـــك يــــجيب

صورة العضو الرمزية
nahren
مشرف إداري
مشاركات: 6425
اشترك في: الأربعاء مارس 28, 2007 6:58 am

مشاركة بواسطة nahren » الأربعاء ديسمبر 12, 2007 5:27 pm

اخي اشور فعلا القصة مشوقة
نحن بأنتظار ان نعرف مأساة عازف الكمان كاملة .

لا ادري كيـــــــــــــف لكــن أعلــم أنه يســتجيب
أرفـــــع شـــكواي اليه وهـــو لا شـــك يــــجيب

ashor
مشرف عام
مشاركات: 4162
اشترك في: الجمعة سبتمبر 17, 2004 7:55 pm
مكان: syria

مشاركة بواسطة ashor » الأربعاء ديسمبر 12, 2007 8:34 pm

+++


اشكركم جميعاً اخوتي واخواتي : ام جورج : wardi : قمر : silvy : nahren ..

واشكر اهتمامك الذي اسعدني جداً .. باركك الرب جميعاً .

..
صورة

هذا التوقــيع من تصميم الاخـت تـوتا مشكــورة

*************************

ashor
مشرف عام
مشاركات: 4162
اشترك في: الجمعة سبتمبر 17, 2004 7:55 pm
مكان: syria

مشاركة بواسطة ashor » الأربعاء ديسمبر 12, 2007 8:40 pm

[align=center]+++


اخواتي الغاليين اليكم .

الحلقة الثالثة من مأساة عازف الكمان


لم تدر هيلين كيف قطعت المسافة التي تفصلها عن الشرفة وهي تقتحمها في لهفة لتقع عيناها على ذلك العازف وهو يعزف على كمانه الصغير تلك الالحان الساحرة ..
كان يرتدي نفس الثياب ويجلس ذات الجلسة التي راته عليها لاول مرة .. لكن هيلين شعرت بقلبها يتواثب في فرح وسعادة وهي تتطلع اليه وتسرح مع تلك الانغام ..
وحين أنتهى الفتى من العزف وانصرف في هدوء كعادته كانت هيلين في قمة السعادة وهي لازالت في مكانها غير مصدقة أنه جاء أخيرا ..
واشتعلت لهفتها مرة أخرى لمعرفة قصته .. تمنت لو امتلكت الشجاعة لتذهب اليه وتساله مباشرة لكنها لم تجد في نفسها الجرأة لفعل شيء كهذا ..

في اليوم التالي وحين عادت من المدرسة وهي تشعر بحيوية ونشاط افتقدتهما لايام عديدة كانت تقطع الطريق متجهة لمنزلها حين مرت بذلك البيت الصغير الذي يقع في طرف الشارع ورأت على شرفته إمرأة مسنة تبدو الطيبة واضحة على ملامحها وهي تحمل كيسا فيه مشتريات كثيرة وتحاول ان تحمله إلى المنزل ..

تقدمت هيلين من المراة العجوز وعرضت أن تساعدها في حمل الكيس فرحبت العجوز بذلك وشكرتها كثيرا وأصرت أن تدعوها لتناول كوب من الشاي في بيتها ..

كان الوقت لا يزال مبكرا ولم تشا هيلين ان ترفض دعوة هذه العجوز الطيبة, ووجدت نفسها جالسة مع العجوز في دارها ترتشف الشاي الساخن وتتأملها في صمت ..

كانت إمرأة في حوالي الخمسين من العمر .. تبدو الحيوية واضحة في عينيها برغم سنوات عمرها الكبير وقد كانت بسيطة وطيبة في تعاملها مما اشعر هيلين براحة كبيرة ..

سألتها العجوز وهي تقدم لها كوب الشاي وتجلس مقابلها :أنتم الساكنون الجدد في منزل آل جيلر .. أليس كذلك
أومأت هيلين برأسها إيجابا وهي تقول :نعم .. لقد انتقلنا إليه منذ حوالي الشهر ..
قالت العجوز في ود : لابد انك تشعرين بالكثير من الملل لان هذا الحي الصغير هادىء للغاية ..
ابتسمت هيلين وقالت :الحقيقة نعم .. فالبلدة بأكملها هادئة كثيرا .. من قبل كنا نقطن في حي يموج بالحركة كثيرا لهذا يبدو لي السكون هنا غريبا وغير معتادا ..
وافقتها العجوز بايماءة من رأسها وقالت :أستطيع ان افهم شعورك.. انا نفسي وبعد كل هذه السنين لازلت اجد ان المكان هادئ بدرجة كبيرة.. لست اشعر بالراحة كثيرا خصوصا وانا أعيش لوحدي هنا لكن ليس أمامي خيار آخر منذ أن رحل ولداي عن هذا البيت وتزوجا وانتقلا للعيش في مدينة أخرى ..
تساءلت هيلين: وأين زوجك
بدت مسحة من الحزن في عيني العجوز وهي تقول :توفى منذ زمن بعيد ..
تمتمت هيلين في حرج :أرجو المعذرة ..
تنهدت العجوز وقالت :لا عليك يا ابنتي .. صحيح انه رحل منذ زمن بعيد لكني لازلت اعيش مع ذكراه في كل لحظة.. هذا المنزل الصغير بكل مافيه يذكرني دائما به .. كل ركن وكل زواية كانت لنا فيها الكثير من الذكريات الجميلة ..

كانت صحبة العجوز مسلية وقد وجدتها هيلين في غاية الطيبة واللطف حتى انها دعتها لزيارتها في أي وقت, وهكذا ودعتها هيلين بعد أن وعدتها بتكرار الزيارة , شعرت هيلين بالشفقة تجاه هذه العجوز الطيبة التي تعيش بمفردها وحتى ولداها لا يربطها بهما الا بضع رسائل يرسلانها بين الحين والاخر ليطمئنا على والدتهما ..

قاسية هي هذه الحياة .. هكذا كانت تفكر هيلين وهي في طريق العودة لمنزلها .. وحين وقع بصرها على ذلك الكرسي اسفل الشجرة تداعت ذكريات ذلك العازف إلى ذهنها مجددا وأزاحت عنه كل الافكار السابقة وراحت تتساءل هل ستراه الليلة ياترى


لفت نظرها وهي تتجه لمنزلها منظر رجلين كانا واقفين أمام ذلك البيت المهجور يتحدثان.. كان أحدهما رجل يميل للبدانة قليلا أخضر العينين غليظ الملامح تبدو عليه معالم الثراء والاخر كان شابا أشقر الشعر يمسك في يده بلوح صغير وكان يتكلم وهو يشير طوال الوقت إلى المنزل ..

واصلت هيلين طريقها وهي تتساءل عن كنه هذين الرجلين وما صلتهما بذلك المنزل هل هما من سكانه القدامى أم ماذا يا ترى

وحين أقبل الليل كانت هي في الشرفة كالعادة تنتظر وصول ذلك العازف الليلي .. كانت تشعر ان الوقت يمضي ببطء شديد وهي تنتظر قدومه ولم يبدد مللها ذلك الضوء الساحر الذي يلقيه القمر في تلك الليلة والذي يتألق على صفحة الماء وعلى أرضية الشارع في مزيج جذاب ..

ومن بعيد لمحت خيال الشاب وهو يتقدم ببطء كعادته في طريقه الى ذلك الكرسي .. وحبست أنفاسها وهي تشاهده يدنو حتى صار على قيد متر واحد من الكرسي .. توقعت هيلين ان يجلس ويبدأ العزف كعادته لكن الشاب لم يجلس في هذه المرة وإنما ظل واقفا يتطلع الى ذلك المنزل في صمت وسكون دون ان يبدي أي حركة ..

وعلى ضوء القمر فقط وبالرغم من بعد المسافة نسبيا إلا أن هيلين لاحظت شيئا خفق له قلبها في قوة.. لقد كانت هناك نظرة تقطر حزنا وأسى في عين العازف وهو في وقفته الثابتة تلك .. بحر من الحزن كان ينعكس في عينيه الساحرتين جعل قلب هيلين يخفق في أسى وكأنه يشاركه هذا الحزن ...

وطالت وقفة الشاب في مكانه حتى تمنت هيلين أن تنزل اليه وتريح رأسه على حجرها وتجعله يفرغ كل حزنه وألمه الذي تراه الان في عينيه ..

ثم استدار الشاب فجأة وبدأ يسير في الاتجاه المضاد وهيلين تتابعه في حيرة وهي تتساءل عن الذي حصل له اليوم .. فلأول مرة ياتي ويمضي بدون ان يعزف تلك الألحان الساحرة ..

وفي تلك الليلة لم تستطع هيلين أن تنام وهي تفكر في سر حزن الفتى الشديد هذه المرة.. صحيح انها كانت تلمح في عينيه حزنا من قبل لكنه يختلف عن مارأته هذه الليلة.. كان حزنه هذه المرة قويا جدا وكاسحا كأنه فقد عزيزا لديه



ولكن مهلا .. ماذا لو كان هذا ماحدث بالفعل..


...نهاية الحلقة الثالثة...
[/align]


...............
صورة

هذا التوقــيع من تصميم الاخـت تـوتا مشكــورة

*************************

أضف رد جديد