كتاب ماردين
الصمود والتراث والتاريخ
لمؤلفه الأديب جورج خرموش.
لابدَّ أن نقول أن مؤلف هذا الكتاب هو شخصية جزراوية سورية سريانية أصوله من مدينة ماردين جاءت أسرته إلى القامشلي حيث عاش بها وترعرع بين أحلامها البعيدة والقريبة ، ومنذ طفولته أستيقظ على حلم الأجداد وكانت تروعه مآسيهم والمذابح التي حلت بهم وكان الشاب جورج خرموش يسوي مع الزمن أبجدية الوفاء لبلدة أجداده (ماردين) ويختصر بها ويختزل وجع جدته الأولى ,من خلالها يحفظ طقوس دماء الشهداء التي جرت على بطاح طورعبدين وفي ماردين وآمد (دياربكر) والرّها وغيرها من أماكن ، هو يتذكر جيداً كيف كان جده ووالده ووالدته يبكون عندما كانوا يتذكرون أيام سفر بلك وما حصد من أهله وأبناء جلدته.
جورج خرموش هذا الأديب ينقلب على الموت والفناء ويعاهد الأمل والرجاء في أن يكون ، في أن يخلد هؤلاء وغيرهم عبر مجموعة من الكتب التي ستخطها أفكاره وأنامله التي تعودت على رصف الحروف التي كان يبدعها في مطبعته التي تعد الأولى في مدينة القامشلي،(مطبعة الرافدين).حيث أمضى ردحاً من الزمن في مدينة القامشلي ليهاجر كما من سبقوه ومن سيلحق به إلى بلاد العم سام ( الولايات المتحدة الأمريكية). وربما لم يكن أديبنا الكبير جورج خرموش هو من اختار أن يعيش في الجزء الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية لكنه يحط الرحال في لوس أنجلس...هناك كلُّ شيء ٍ يتغير ويتبدل.على رجل مثله عايش وعاصر الصيف الحارة في الجزيرة السورية والشتاء الذي كانت أيامه كأنها أحلام لصبية لا تغفو إلا على نار المدفاة القديمة.
لكن أديبنا جورج خرموش تعاهد مع الزمن وأقسم أنه سيبقى يكتب ولا تهمه سنوات عمره التي عاشها فها هو على أبواب كتاب آخر يتابع الملاحم والبطولات لأجداده مع صديقه ورفيق القامشلي الكاتب حنا مديوايية حيث سنشهد ولادة جديدة لأديبينا .
ولو عدنا إلى كتابه الأول: ماردين المطبوع عام 2003م .وبشكل أنيق ومن ورق ممتاز يسمى كلاسي مت . وعدد صفحاته تجاوزت 212 صفحة .يُطالعنا الإهداء والتقديم الذي قدم له الأديب الكبير الدكتور ألفرد سعد.ثم بعد ذلك يعود المؤلف ليكتب لنا ثناءً.
وبعدها لنا أن نتجول بين جنان وبساتين ولوحات فيها مايخيفنا ومنها ما نعتبره تأريخاً للحظات لولا أديبنا ما كنا تعرفنا إليها حيث نجد شلالات ٍ من المعلومات سواء عن ماردين والأسر الميردينية وطرق معيشتهم وثقافتهم وتاريخهم ومآسيهم وما عاشوه من محن كما توزعهم في أصقاع العالم. لكنهم من أرومة شعب ينتفض من بين جثث القتلى وسواقي الدماء ليصنع فجراً جديداً مليئا بالحب والعطاء.
وعبر صفحات ماردين نتعرف لشخصيات تنوعت في اهتماماتها وأنشطتها وكانت منذ أن حلت في مدينة القامشلي تعمل على ازدهارها وتطورها ، هم ليسوا ملائكة بل نستطيع أن نجزم بأنهم خالفوا البشر بروحهم الملائكية حباً وتضحية ً تعاملاً وترجمة ً ، إخلاصا لسوريا الحبيبة وترابها ووحدتها ومستقبلها وإن هم رحلوا عنها لكنهم سفراء يخلصون للماء الذي شَرِبوا منه ، ولا زالت أجيال أحفادهم تبني وتزرع وتعمل وترسم محبة الوطن،
في هذا الكتاب (ماردين) . قرأت ُ منهجية في تقديم المعلومة ومقارنات تاريخية وثقافية منذ مطلع الكتاب إلى نهايته.وأخذنا عنه ما كنا بحاجة إليه لكتابنا (0قبائل الجزيرة السورية).والكتاب بحق هو سجل لايُستغنى عنه لأيِّ باحث أو مؤرخ ويريد أن يكتب عن الجزيرة السورية وماردين والأسر الميردلية كما في تاريخ مدينة القامشلي وأرض الجزيرة السورية بشكل عام.
أما قصة وصول الكتاب إليَّ فكان حين رحتُ أسأل الأديب المحامي عبد الكريم بشير الذي يعيش في مدينة (فيزبادن) الألمانية وبعد أن تبادلنا الحديث عن الجزيرة السورية ومن كتب عنها فقد أشار عليّ بأن أقرأ كتاب ماردين لمؤلفه السيد جورج خرموش وقال سوف يرسل النسخة التي كان قد أهداه إياها المؤلف لوجود صداقة بينهما وهكذا وصلني الكتاب بعد يومين وقرأته فوجدت دُرراً بين طياته ومعلومات لانجدها في أمهات الكتب .لأنّها كُتبتْ من قبل كُتّاب ٍ عاشوا وعانوا وسمعوا عن تلك الأحداث.لا بل هم سداها ولحمتها.
لكنني أحصل من المحامي الأستاذ عبد الكريم بشير على رقم هاتف أديبنا جورج خرموش وأتصل به ، كان اتصالاً قصيرا أحسستُ برغبة ٍ من أديبنا أن يتابع لكن حالته الصحية تفرض عليّ أن أنهي المكالمة معه.وقد أخبرته بأن النسخة التي أهداها للأديب والمحامي عبد الكريم بشير هي عندي لكن المفاجأة كانت عندما تلقيتُ بعد أقل من أسبوع من ساعي البريد مظروفاً قادما من الولايات المتحدة الأمريكية وبداخله كتاب ماردين.
كمْ سُعدتُ به وبكرم كاتبه ِ وخصاله الحميدة ورغم كلفت إرساله فقد كتب ليّ على أول صفحاته جاء فيها((إهداء....إلى الفذّ المبدع الشاعر الكاتب الأديب الأستاذ اسحق قومي...عربون المودّة والصداقة مع موفور التحيات وأسمى الأماني.من المؤلف جورج هرموش.فلاندورا 25/11/2010م.التوقيع ووجدت طياً رسالة من أديبنا جورج .جاء فيها:
عزيزنا الأديب الشاعر الأستاذ اسحق قومي.
تحيّات طيبّات
هذا كتابي أهديه إليكَ بكلّ تواضع ٍ، لعلكَ تجد فيه أحداثاً تاريخية كثيرة يهمُكَ أمرها، ومنها أهلنا أبناء الجزيرة السورية الأماثل ومن أينَ جاؤوا وما هي إبداعاتهم ، وكيف بنوا حضارتهم الإنسانية في يسير من الزمن ، وتجد فيه أيضاً المجزرة التاريخية التي ذُبحَ فيها آباؤهم وأجدادهم ، ووثائق هامة تاريخية منسية وكثر غيرها...وتجد بلا شك أنَّ الكتاب يخص الجماعات الماردينية، ويُعنى (الانتشار المارديني العالمي). وقد حُظي باستحسان ٍ كبير لدى الإخوة الماردينيين في الوطن والمهجر،وأنتشر في أقطارٍ عديدة ٍ من العالم حيثُ يتواجد أهل ماردين في تلك الربوع البعيدة.
لدينا في القامشلي كاتب ، أديب، مؤرخ اسمه نوري إيشوع مندو ولعلكَ قرأت له بعض الأبحاث التي ينشرها في الانترنيت، كتبتُ عنه لمحة صغيرة في كتابي في الصفحة (109) وهو صاحب كتاب(نصيبين في تاريخ كنيسة المشرق). يحكي عن الجماعات التي هاجرت من جبال تركيا إلى القامشلي وشكلت عنواناً كبيراً في الرحاب المسيحية، تستطيع ياعزيزي أن تكتب له على العنوان التالي:القامشلي ـ سوريا ـ شارع الجامع، نوري إيشوع.
ولدينا أيضاً في أمريكا الملفونو أوكين جاء من القامشلي وهو أديب وكاتبٌ وشاعرٌ سرياني معروف، له مؤلفات عديدة ومنها السريان في القامشلي.كتبتُ عنه لمحة صغيرة في الصفحة نفسها(ويعني 109).وعنوانه التالي:
Okin monofar 58 old river Rd.
Lincoln.RI.
02865-1308
U S A
وأخيراً ولا أخراً أرجو لكتابك الفريد المرتقب كلّ ازدهار وفخار ٍ
ودم واسلم بكل هناء وارتقاء وسعد.
لأخيك : جورج هرموش.
قريباً أرسل لك السيرة الذاتية.
غلاندورا.
2/12/2010م.
التوقيع.
