بر الوالدين

يعنى بالأدب ـ الشعر ـ الخواطر ـ القصة ..الخ
أضف رد جديد
edde
قنشريني جديد
مشاركات: 10
اشترك في: الاثنين يناير 19, 2004 12:23 am
مكان: united arab imerates
اتصال:

بر الوالدين

مشاركة بواسطة edde » الثلاثاء يناير 20, 2004 9:00 pm

قرّر رجل عجوز أن يعيش مع ابنه وزوجة ابنه ، وحفيده البالغ من العمر خمسة أعوام فقد ماتت زوجته التي كانت تقوم بشؤونه إثر مرض عضال ألمّ بها استمر لعدة سنوات، ولم يتبقّ له أحد بعد الله ابنه، ولما لم يطلبه ابنه للسكن معه وللسهر على راحته، قرر بسبب الحاجة أن يذهب بنفسه.
كانت يدا الرجل العجوز ترتجفان ، ونظره قد ضعف ، ومشيته صارت مترنحة وكان ابنه ميسور الحال (الأمر الذي شجّعه أن يقصده)، ويملك بيتاً كبيراً وزوجة جميلة.

استقبله ابنه ببرود وكذلك زوجته، وقضى العجوز أيامه يعيش منعزلاً في بيتهم عدا وجبة الطعام .. فقد كانت الأسرة تتناول الطعام معاً على طاولة واحدة، ولكن يد الرجل العجوز المرتجفة ونظره الضعيف جعلا تناوله للأكل صعباً إلى حد ما، فكان الطعام يتساقط من ملعقته على الأرض، وعندما كان يتناول اللبن كانت قطرات كثيرة تنسكب منه على مفرش الطاولة مما يثير سخط الابن والزوجة لهذه الفوضى الحاصلة، فوضع الرجل وزوجته مفرشاً خاصاً له على الأرض في أحد أركان المنزل، وأجلساه وحيداً يتناول طعامه بينما كانت الأسرة تستمتع بتناول طعامها على المائدة، ولما كان العجوز قد تسبب في كسر طبق أو اثنين، راحا يقدمان له طعامه في طبق خشبي ..
وعندما كانت الأسرة تنظر ناحية الجد، كانوا يلمحون دموعا تنساب على وجنتيه؛ ولكن بقيت الكلمات الوحيدة التي يقولها له الزوجان هي التحذيرات الحادة عندما ينسكب منه اللبن أو يتساقط منه بعض الطعام على الأرض.
الطفل ذو الخمسة أعوام كان يراقب ما يحدث في صمت مهيب، وفي إحدى الأمسيات قبيل العشاء، لاحظ أبوه أنه يقوم بحفر قطعة خشب وهو جالس على الأرض؛ فسأل ابنه في رقة: " ما الذي تقوم بعمله ؟ "
فأجاب الطفل هو الآخر في رقة : " أوه يا أبي، أنا أقوم بعمل إناء صغير لك ولماما لأطعمكما منه عندما تكبران !! ابتسم الطفل ذو الخمسة أعوام وعاد لما يعمله ".
لطمت الكلمات الوالدين بشدة حتى وقفا بلا كلام .. ثم بدأت الدموع تنهمر على وجهيهما، ومع أنهما لم ينبسا ببنت شفة ، لكنهما علما ما الذي ينبغي فعله !!
يومها أمسك الرجل بيد والده الجد العجوز ، واصطحبه بلطف مرة أخرى إلى طاولة العائلة.. ولباقي أيامه كان الجد يتناول طعامه مع باقي الأسرة، ولسبب ما لم يعد الزوجان يهتمّان عندما ينسكب اللبن، أو يتناثر الطعام على الأرض، أو يتلوث المفرش.

الأطفال شديدو الملاحظة، عيونهم تبصر وآذانهم تصغي ، وعقولهم تتعامل مع ما يتلقّونه من رسائل نوجهها لهم.. وإذا رأونا في صبر نقدم جواً أسرياً سعيداً، سيتبنـّون هذا الاتجاه باقي سنيّ عمرهم.
الوالدان الحكيمان فقط يعلمان أنهما كل يوم يجهزان لبنة في بناء مستقبل طفلهما .. فلنكن بنائين حكماء .

ritta
قنشريني هام
مشاركات: 850
اشترك في: الخميس ديسمبر 25, 2003 2:20 pm

مشاركة بواسطة ritta » الجمعة يناير 23, 2004 8:17 pm

نتمنى دوماً ان تمتعنا بمشاركاتك المفيدة .

أضف رد جديد