بوســـــــــــــطة بنيو .... بقلم حنا لبيب خوري

[حنا لبيب خوري]

[size=200]كنّا صغار عندما نسمع صوت زمّوره نخرج جميعاً من البيوت ونعدو خلفه وتغمرنا تلك الهالة من الغبار المتصاعد من خلف باصه أو بوسطته كما كانوا يطلقون عليها وكما كان يحلو لنا أن نناديها ..
بوسطة بنيو وما أدراك ما بوسطة بنيو؟ كانت من الطراز الأول، من فصيلة الباصات الضخمة حسب معلوماتنا يومئذٍ التي دخلت عالمنا القبلي ومجتمعنا البسيط في ديريك. كان يزيّنها بما يحلو له من أعلام وصور، حتى كان يخيّل لناظرها أنه يتفرج على مهرجان للسينما الهندية والعربية ، فلم يكن يمر أي فيلم هندي أو عربي في مدينة القامشلي ألتي كانت لنا بمثابة حلب أو الشـــــــــام؛ نعم لم يكن يمر أي فلم إلّا ويكون مختصر الفلم من الصور مُلصق على نوافذ بوسطة بنيو .......أو بنيامين .
كان الله قد إصطفاه واختاره للحوادث أغلب الأيام فلم يمر عليه اسبوع دون أن يتعّرض لحادث ولكن بقدرة قادر كان ينجو من كافة الحوادث إلّا بعض الخسائر المادّية وبعض الخدوش والرضوض وكان دائماً يقول الحمد لله عندما يُسأل كيف حالك والبوسطة ؟؟....حتّى اقترنت هذه الكلمة به فكان يقال ....بوسطة بنيو الحمد الله ..
كانت بوسطته أيامها الوحيدة لمناسبة الأعراس التي كانت تقام في القُرى المحيطة بديريك.
في أحد هذه الأعراس وقد إمتلأت البوسطة بالمعازيم والمدعووين،من قرية( قَزَرَجم) من الداخل وعلى السطح ، حتى أن السيد بنيو نفسه كان جالساً القرفصاء أمام مقوده لقلة الأماكن . كان جيبه عامراً بثمن السفرة والتي إتّفق مع أصحاب العرس أن يقوم بجولة في ديريك وشوارعها ونظراً للسخاء والكرم الذي أسبغوه عليه؛ فقد عقد العزم على أن يقوم بمشوار طويل حتى نهر السفّان والرجوع وذلك لكي يُظهر هو أيضاً ،أنه لا يقبل جميلا دون ثمن....
نعم كانت المركبة مُكتظة ومتخومة بالأجساد .......وكانت الفرقة الذهبية ...أي الطبل والمزمار والموسيقيان فوق السطح وجلوس فوق رأس بنيو وأقدامهم يحجبون نصف مجال الرؤيا على السائق ...وعازف المزمار يصدح بالأنغام الكردية الراقصة والجماهير الغفيرة التي كانت فوق منتشية بالألحان والإيقاع.
كانت تلك البقعة من العالم ....أي منحدر وانيك .....قبل التعديل ....من أخطر المنحدرات يومها أذكر وأنا صغير عندما كنّا نسافر ونصل إلى ذاك المنحدر كنّا نترجّل من البوسطة ليستطيع أن يتخلّص من تلك البقعة ...يومها كان الخال بنيو على موعد مع تلك البقعة من العالم التي ما إقترب منها مرة إلّا وأصابه مكروه ......
إقترب بنيو من المنحدر وخفّف السرعة لأنّ المنحدر قاسٍ ونتيجة الحمل الثقيل وعدد الركاب الذي يناهز نصف سكان القرية ؛ والطريق الوعر المملوء حجارة مختلفة الأحجام ........إصطدمت البوسطة في إحدى هذه الحجارة الضخمة مما نتج عدم توازن الآلية وإنعدام السيطرة على المقود أي بالمعنى الدارج .....فلُتَ الرّوط ...وهي عبارة عن مفصل يوحّد حركة الدواليب مع المقود ...وفي هذه الحالة لم يعد ....لـــشوماخر بنيو أي سيطرة على البوسطة.
حاول المستحيل ...لم يقدر ان يحل المشكل ..أخرج يده وأشار إلى الجالسين فوق رأسه مباشرة أي الفرقة الموسيقية أن يتراجعوا ويحتموا بما يستطيعون ..فكان أن عازف المزمار وهو الخبير فهم أن السائق يعبّر عن تقديره ومدى طربه من تلك الألحان ...فما كان منه إلّا أن زاد في قوة العزف مع إنحنائة والمزمار ورأسه إلى ملامسة أذن بنيو ...
أعاد بنيو ألكَرّة مرّةً أخرى ونادى بأعلى صوته ...أن إرجعوا إلى الخلف أرجوكم ..يا جماعة حياتكم في خطر.....ولكن لمن تنادي؟؟؟؟
عندها قام ضارب الطبل واقفاً وجعل ينهال على الطبل بالضرب العالي ليُسمع تلك البقعة بكاملها مما حفّز رفيقه عازف الزرناية على أن ينهض هو أيضاً ويبدع بتلك ألألحان .
عندها فقد خالنا بنيو الأمل في تفادي المصيبة وأسلم أمره إلى الله وانتظر المكتوب والمقســـــــــــــــــــــــــوم...
إنحدرت البوسطة بسرعة فائقة واصطدمت بصخرة كبيرة مما أسفرت هذه الصدمة إلى تنظيف سطح البوسطة ممن كانوا عليها وكدّستهم فوق بعضهم البعض على صخرة جانبية ومن جملتهم قارع الطبل وقد توسّط بجسمه طبلَه ، وعازف المزمار الذي بقي المزمار في يده ولكنّه إنغرس في حلقه لأنه لم ينهِ مقطوعته الموسيــــــــــــــــــــــــــــــــــــقية........
وهكذا الحمد لله لم يمت أحد في تلك الكارثة ..........سوى بعض الرضوض والكســـــــــــور...
بالفعل كانت بوسطة بنيو الحمد للــــــــــــــــــه[/size]

[قمر]

استمعت بقصتك الجميلة يالي كلها ذكريات قديمة حلوة كتير واليوم يالي بروح ما برجع ابدا متلو

حنا لبيب خوري
يعطيك العافية
والف شكرا
تقبل مروري

[حنا لبيب خوري]

عزيزتي الغالية وقمر منتدياتنا قمر


انا آسف للتأخير ولكن تبقين انتِ في القلب ومحبّتكِ لن يعلوها اي غبار
فأشكركِ من قلبي على استمتاعكِ بمشاركتي وتقبّلي مني وافر الأحترام
تحياتي [size=150][/size]