البقرة والسكاكين ..؟؟؟
مرسل: الثلاثاء نوفمبر 19, 2013 10:52 am
البقرة والسكاكين ..؟؟؟ وديع القس
كان راعيها أصيلاً
وحكيماً
وذو حسبٍ ونسبِ ..
كان لها الأبُ
والأمُّ
والأخُ والأختُ
والزوج والعاشقُ
يقبّلها كلّ صباح
ويحضنها كلّ مساء
ويحميها ويطعمها
ويشتاقُ إليها بهيام
كعروس ٍ لحبيب..
يحافظُ عليها ويحرسها
من الّلصوصِ والوحوشِ
ومن القرِّ والحرِّ
ويدافعُ عنها دفاع العاشقين
ويحاربُ حربَ الملهمين
بكلّ أنواعِ القتال ِ وبكلّ
أوقاتِ الحروبِ ..
*
وبغتةً وقعَ الكسوف
في الشّمسِ
وتغيّر القمرُ والبدرُ
وصارَ هلالا ..
ووقعت الهزّةُ الأرضيّة
وحصلَ الزلزالَ..
وصارَ الحرامُ حلالا..
وتغيّرَ الرّاعي
وتبدّلت المراعي
وتغيّرت الأحوالُ
والأشكالَ..
وصار َ الإنفصالُ
دونَ طلاق ٍ
وحزنتْ الروابي
والسهولَ..
وبكت معها
الينابيعُ والجبالا..
على رحيلِ
راعيهاالأصيلِ
بعدَ أن دلّلها آلاف
السنينِ الطوالا..
دونَ تذمّرٍ أو غضبِ ..!
*
وبقيت البقرة الحلوب
أصيلةً سمحاء
كريمةً معطاء
عشيقةً شمّاء
وحافظت على عراقةِ
النسب ِ..
وطمع فيها الطامعون
وتزايد السارقون
اشتهى لحمها الزناة
والفاسقون
وسرق راعيها الجديد
جلّ حليبها
وجوّع أولادها
وصار َ (حاميها حراميها )
وتركَ أولادها يتامى
وعراةً وحفاةً وجياع..
ولم يكتفِ …!!
وزادَ على هذا
بضربها وتعذيبها
وتركها مريضةً
تنخرُ جسدها الآلامَ
والأوجاع..
واستغلّوا ضعفَ راعيها
الجديد
ليجلبوها من قصرها
الرّحب والواسع
إلى الإسطبل ِ
في الأروقةِ المنتّنة
بدون حجةٍ
أو سببِ..
فقط لأنّها طلبت
من راعيها الجديد
العربيّ الأجرب ..
قليلا ًمن الحليب ِ
لصغارها الجياع
بشكلٍ مؤدبٍ
ومهذّبِ ..
*
فتجمّعَ عليها
جميع سكان الأرض ِ
واتّهموها بالتمرِّد
والإلحادِ
وتعامل راعيها الفزّاع..
في هيئة ِ الوحوشِ
في الإسطبلِ العالي
الذي يترأسه
حمار العم سام
الربّاع ..
ودبّ الثلوج
الّلماع …
وبعض الديوك الغربية
والضباع..
وورائهم يهرولون
الثعالب والذئاب
والكلاب باتّضاع ..
ووراء هؤلاء
المتواضعون الأجراب
يلحقهم بالحبّ
والأحضان
رفاق الطفولةِ والأدب
الخنافس والذباب
بكلِ شوقٍ واندفاع..
وخرجوا بقراراتٍ
باليومِ التالي
وبالإجماع ..
وتجمّع الفاسقون
والمنافقون
وازداد عدد الذئاب
والثعالب ِ والخنافس
والذباب
وانكشف القناع..
*
يريدون حليبها الطيّب
وجسدها الطيّب
وروحها الطيّبة
وجمالها الخلاّب ..
*
فرفعوا الاذرعَ
ومعها السكاكين ..
وجرّوها إلى ساحةِ
التجارب ِ ليمثّلوا
على جسدها
كلّ التمارين..
وطلّقوها من أبوها
وأمّها وأخوها وأختها
وأهلها وكلّ
العاشقين..
واجبروا راعيها
العربيّ الأجرب ِ
البلا أصل ٍ
ولا نسبِ
ليتركوهُ أضحوكةً
ومهزلةً
لحفلةِ المجانين ..
بعد أن
مرّغوا رأسهُ
بالرّوثِ والطين ..
واصبحت بقرة عرجاء
ودميةً
للقاصي والداني
يتراقصُ على
ضفائرها الزّناة
مع الثعابين..
وصاروا ينادونها
بأقذر الأوصافِ
والنعوتِ
بشكل ٍ مزدر ٍ
ومشين..
وقطّعوا ملامحها الجميلة
وقصّوا ضفائرها
وضفائر أطفالها
وأحرقوا الأهدابَ
وبقروا البطون..
ولم يتركوا عظمها
ولا جلدها
ولا أظافرها
ولا أحشائها
بل وضعوها
تحت سحق ِ
الطواحين..
ولا زالوا ينظرون َ
إليها بخوفٍ
ورعدةٍ
فاتّفقواعلى تقطيعها
وتقسيمها
بالسكاكين..
فمزّقوها وكلٍّ حسب
غايته
وفرّغوها وكلٍّ حسب
غايته
وقبّحوها وكلٍّ حسب
غايته
ولا زالت واقفةً
تنظرُ باحتقار ٍ
لبريق السكاكين
ولا زالت شامحةً
كالسنديان
وتنبعثُ من أحشائها
الممزّقة
رائحة الياسمين..!!!
وديع القس ـ 18 . 11 . 2013
