في رحاب المعمودية

كل ما يتعلق بالدين المسيحي من مواضيع لاهوتية، إيمان، صلاة ..الخ
أضف رد جديد
Abu Julian
قنشريني مميز
مشاركات: 353
اشترك في: الثلاثاء أغسطس 30, 2005 10:41 pm

في رحاب المعمودية

مشاركة بواسطة Abu Julian » الثلاثاء أغسطس 30, 2005 10:47 pm

[font=Andalus]في رحاب المعمودية[/font]

[font=Tahoma] [/font]إن سر المعمودية لسر عميق وعجيب. سأحاول بنعمة الرب أن أخوض إلى عمقه.
كي نفهم هذا السر العظيم، أودّ أن أرجع بكم إلى البدء...إلى الفردوس. هناك نرى آدم وحواء (الخليقة الجديدة) لابسَين حلّة الطهارة والنقاء....يأكلان من ثمرة شجرة الحياة (الرب يسوع)، الغذاء الحقيقي الذي يمنحهما ديمومة الثبات على تلك الحالة التي كانا عليها.
هذا الفصل البديع يعكّره فصل مأساوي: حينما يسقطان كلاهما في خطيئة العصيان. والعقاب كان:
• الموت (موت الجسد، والموت الأدبي بالبعد عن الله)
• وقوعهما تحت غضب الله بالهلاك الأبدي (العقوبة التي استحقّها إبليس وجنوده)
• التعب والألم والشقاء

ولكن الله وعدهما بالخلاص الذي تمّ بالرب يسوع (وهو أمر يؤمن به جميع أبناء الله). وقبل طردهما من الفردوس، يقول الوحي: "قالَ الرّبُّ الإلهُ: صارَ آدمُ كواحدٍ مِنَّا يعرِفُ الخيرَ والشَّرَ. والآنَ لعلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ إلى شجرةِ الحياةِ أيضًا فيأخذَ مِنها ويأكُلَ، فيحيا إلى الأبد (أي في حالة الخطيئة، وعندها لا خلاص له)ِ.....فطَرَدَ آدمَ وأقامَ الكروبِيمَ شَرقيَ جنَّةِ عَدْنٍ، وسَيفًا مُشتَعِلاً مُتَقَلِّبًا لِحِراسةِ الطَّريقِ إلى شجرةِ الحياةِ" (تكوين 22:3-24). وهذه هي رحمة الله لنا أنه حرس طريق شجرة الحياة كي لا يأكل من ثمرها آدم وحواء ويهلكان إلى الأبد...وعندها لن يكون لهما خلاص. وهذا يجعلني أتأمّل في خطيئة الشيطان وجنوده: هل أكلوا حينها من ثمرة شجرة الحياة فثبتوا في الخطيئة، ولذلك لا خلاص لهم؟ أم أن خطيئتهم كانت نابعة من داخلهم، وليست كخطيئة آدم وحواء التي أتتهم من الخارج؟!
ومرّت السنوات طويلة...والبشرية تنتظر مجيء المخلّص الذي وعد به الرب الإله، حتى صرخت على لسان إشعياء، قائلة: "ليتك تشقّ السموات وتنزل" (إش 1:64). وجاء ملء الزمان، وولد المخلّص بتواضع عجيب مثله، من عذراء...ولادة عجيبة، أعلنتها السماء للبسطاء والودعاء فقط.
نأتي الآن إلى شخص الرب يسوع، إلى صفة من صفاته الكثيرة والعجيبة، وهي أنه:آدم الثاني: فبعدما سقط الأول بالمعصية وعدم الطاعة، جاء الرب يسوع ليطيع الآب حتى الموت، موت الصليب (فيليبي 8:2). فنراه ينتصر على الشيطان في التجربة على الجبل...انتصر بنفس المعركة التي سقط فيها آدم الأول. وقد انتصر عليه في جميع الجولات...فلم يذعن له (كما فعل الأول).
فما هي النتيجة من ذلك؟ وأين هو خلاصنا في هذا، إذ ما نزال نرث آدم الأول الخاطئ والواقع تحت غضب الله والدينونة؟ والجواب بسيط، وهو: أن نرث الرب يسوع. وكيف يتم ذلك؟
لنفهم أولاً ماذا فعل بنا آدم الأول: بما أنه كان نائبا (وصيّاً) عنّا أمام الله، وبما أننا كنّا في صُلبه...أي أنه يمثّلنا، فقراره قرارنا، ونجاحه نجاحنا، وأيضاً فشله فشلنا...فهكذا نتحمّل نحن مسؤولية ما فعله (تماماً كما ينوب الأهل عن أولادهم الصغار في إتخاذ قرارات تخصّهم شخصياً). وبما أنه سقط في الخطيئة وأوقع نفسه تحت العقاب، فإننا نحصد ما زرعه هو: وذلك بأن نأخذ ذلك منه بولادتنا من أبوينا. فكيف والحالة هذه نخلص؟ بأن نأخذ ما لآدم الثاني (الطهارة والنقاء من الخطيئة، والخلاص من العقاب). ولكن كيف نولد من آدم الثاني إن كنّا مولودين من الأول؟ والجواب: في سر المعمودية المقدّسة.
فالمعمودية، أيها الأحباء، هي موت وحياة: آدم الأول(الخاطئ والهالك) يموت، ويولد الإنسان من جديد من آدم الثاني (طاهراً ومُخلَّصاً). وهكذا ما عُدنا نحمل سمات الأول، بل الثاني. وعندها نستطيع أن نأكل من ثمرة شجرة الحياة دون خوف من الهلاك الأبدي، لأننا نثبت في الحالة الجديدة التي نلناها بالمعمودية، وعندها نستطيع بهذه النعمة العظيمة أن ندخل ملكوت الله.
أيها الأحباء، إن لم نثبت بالرب يسوع، وإن لم نطلب العون منه بالثبات على حالة الطهارة والنقاء (الحياة الجديدة الموهوبة لنا بالمجّان)، فإننا نعرّض أنفسنا ليس فقط للدينونة والغضب، بل أنه لا خلاص لنا بعد أن نتناول من ثمرة شجرة الحياة. فإن أكلنا منها ونحن في حالة الخطيئة، فسنثبت في حالة الخطيئة (في حالة الوفاة) ونهلك إلى الأبد. نخلص فقط إن ثبتنا على حالة الطهارة وتناولنا من هذه الثمرة المقدسة.
وفي هذا المجال أتساءل إن كان الذين خانوا عهد الرب وعادوا وتمرّغوا في الخطيئة بعد أن اغتسلوا وتطهّروا، هل ابتعدوا عن الكنيسة بمحض إرادتهم وأخذوا بالتهجّم عليها، أم أن الرب نفسه طردهم منها، ووضع ملاكاً بسيف من نار في طريقها لئلاّ يعودون إليها ويأكلون من ثمرة شجرة الحياة (الرب يسوع)، فيهلكون؟! فلا تفتخر، أيها الأخ بتركك لكنيسة الرب المقدّسة، فأنت مطرود منها من الرب نفسه!! وستبقى مطروداً حتى تعود إليه نادماً وتائباً، طالباً الصفح والمغفرة، فيغسلك من جديد، ويسمح لك بنعمته الفائقة الوصف أن تتناول من الأسرار المقدّسة المحييّة.
نعم. إنها رحمة الرب الواسعة التي "تتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة" (2بطرس 9:3).
فلنراجع حساباتنا جيداً قبل التناول منها. هناك سرّ آخر منحه الرب لنا: سر التوبة والاعتراف. فالرب يعرف ضعفاتنا، وبأننا سريعي السقوط بالخطيئة. لذلك منحنا هذا السر العظيم ليغسل ما علق بأقدامنا من أوساخ في السير على طريق حياتنا هنا. ولا داعي لأن نغسل كل الجسد، لأن "الذي قد اغتسل ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه بل هو طاهر كله.وانتم طاهرون ولكن ليس كلكم" (يوحنا 10:13).
ليت الجميع يدرك ما يتم في مياه المعمودية من عجائب...ليت الكل يبادر لتعميد أطفاله الصغار، وأن لا يحرمهم من نعمة هذا السر العظيم. إيمانك أنت، يا أخي، هو الذي ينوب عن طفلك (كما ناب آدم الأول عنا...أو بالأصح كما ناب الرب يسوع عنا في كل شيء). هل كنّا نعرف ما هو ضروري لخلاصنا قبل الرب يسوع؟ فلو لم ينُبْ هو عنّا، هل كنّا نخلص؟ نُبْ أنت عن طفلك، ولا تكن متمرّداً بعد، كما يفعل الكثيرون في زماننا هذا. ولا تتبع أفكاراً غريبة عن الرب تؤدي بك إلى العقاب.
أشكر الرب إلهي بالرب يسوع المسيح على نعمته العظيمة هذه التي أهّلتنا للنجاة من الغضب والدينونة وللحياة الأبدية، إذ "لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (رومية 1:8). وهذا يعني بأننا نقوم في القيامة الأولى، قيامة الأبرار، وندخل الملكوت مباشرة دون العبور إلى الدينونة. والقيامة الثانية هي للدينونة. يقول صاحب سفر الرؤيا: "مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم". (رؤيا 6:20) آمين

ashor
مشرف عام
مشاركات: 4162
اشترك في: الجمعة سبتمبر 17, 2004 7:55 pm
مكان: syria

مشاركة بواسطة ashor » الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:12 am

بسم الرب يسوع
بفرح كبير ارحب بك اخ Abu Julian عضواً جديداً معنا في قنشرين وعلى مشاركتك الرائعة كما نتمنى ان تتحفنا الكثير فقد تعودنا ان نقرأ لك كل ما هو مفيد وجديد في شبكة الحب اللآلهي
تمنياتي لك بالتوفيق .

ashor
مشرف عام
مشاركات: 4162
اشترك في: الجمعة سبتمبر 17, 2004 7:55 pm
مكان: syria

مشاركة بواسطة ashor » الجمعة سبتمبر 02, 2005 2:26 pm

نعم اخي Abu Julian كما تقول ( ليت الجميع يدرك ما يتم في مياه المعمودية من عجائب...ليت الكل يبادر لتعميد أطفاله الصغار، وأن لا يحرمهم من نعمة هذا السر العظيم )


"من آمن واعتمد يخلص" (مر 16: 16)، "عمّدوهم... وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (متى 28: 19- 20).
ان المعمودية هي سرّ الإيمان، أي العلامة الحسّية التي بها يعبّر الإنسان عن إيمانه بالمسيح وبتعاليمه. والإيمان هو الخروج من الذات لقبول الله الذي ظهر لنا في يسوع المسيح. إنّه جواب محبة مجانيّة حرّة على المبادرة التي بادرنا بها الله بمحبته المجّانية الحرّة.
الإنسان مدعو إلى تحقيق ذاته على صورة الله. وتلك الصورة ظهرت لنا في شخص يسوع المسيح. فعندما يعتمد إنسان في المسيح يلتزم أن يحيا حسب كيان المسيح وتعاليمه. وانطلاقًا من هذا الالتزام تتّخذ المعمودية كلّ معانيها وأبعادها: إنّها ولادة جديدة، وموت عن الإنسان القديم وقيامة إلى الإنسان الجديد المخلوق على صورة الله التي ظهرت لنا في المسيح.
بالولادة الطبيعية ينال الإنسان كل ما فيه من كيان ووجود وطبيعة. وكل ما يناله بالولادة الطبيعية، يناله من جديد بالمعمودية. وهذه المرّة يناله كمؤمن: أي إنّه ينظر إليه نظرة جديدة من خلال شخص يسوع المسيح الذي أظهر له محبة الله.

أضف رد جديد