+++
إنّها قصّة جميلة كتبت باللغة الآراميَّة قبل القرن الخامس قبل الميلاد في البلادالآشوريَّة . وقد جاءت إشارة إلى هذه القصّة في ما كتبه " اقليميس الإسكندري " و " سترابون " ، واستخدمت في الترجمة اليونانيَّة لـ " سفر طوبيا " كما استعملها " ديمقريطس " و " ميناندر
أما عن أصلها الآرامي فيقول "رينان" : " لا يمكننا أن نشكّ في أنَّ السواد الأعظم من الشعب الآشوري كان يتكلّم اللغة الآراميَّة بنوع اعتيادي . . فالآراميَّة كانت مستعملـة من قبل الموظفين الكبار في البلاد الآشوريَّة الذين أرسلهم "سنحاريب" للتفاوض مع "حزقيا" الملك . . ولما أعقب الحكم الفارسي الحكم الآشوري ، حافظت اللغة الآراميَّة على مكانتها الرفيعة وأهّميتها الكبرى
إنّنا نرى نماذج من هذه اللغة – وقد تأثّرت قليلاً باللغة العبريَّة – في بعض فقرات من " سفر عزرا " المعاصر لـ " أحيقار " . وربّما نقل هذا النصّ الآرامي إلى لغة آراميَّة متطـوّرة في مطلع التاريخ الميلادي ، أي بعد مرور 600 سنة أو 700 سنة على تأليف الكتاب ، حينما كانت الآراميَّة في مرحلتها الانتقاليَّة . والاعتقاد السائد الآن هو أنّ هذه الترجمة الآراميَّة هي أصل جميع الترجمات التي ظهرت للقصّة بعد ذلك . فالنصّ العربي مثلاً قد تُرجم رأساً من النصّ الآرامي الحديث ، ولكنّه استعان بنصوص أخرى عديدة ، وكذلك النصّ الأرمني ، وكذلك النصّ السلافي القديم الذي أتى من الآراميَّة بواسطة اليونانيَّة
أمّا المخطوطات الآراميَّة المعروفة فهي متأخّرة وتتضمّن اختلافات عديدة . فقد جاء الآرامي في مخطوطات كثيرة ، بعضها في خزانة كمبردج ) عدد 2020 ( وغيرها في برلين ) ساخو 336 و 134( وقد كتبت في " تلّ كيف " سنة 1883 أو 1884 ، ومنها صحيفة في المتحف البريطاني ( رقم 7200 ) وفقرة أخرى في برلين ( ساخو 162 ) ومخطوطة مخرومة في بدايتها ونهايتها في المتحف البريطاني ( عدد 2313 ) وأخرى في " دير السيّدة " بالقرب من القوش ( رقم 100 ) ، وهناك أيضاً ثلاث مخطوطات لقصّة أحيقار محفوظة في أورميا . وقد قام العالم " فرنسيس نو " بدراسة لهذه القصّة دراسة وافية
مضمون الكتاب
في الكتاب مجموعتان من الأمثال الحكميَّة تتخلّلها قصّة ملخّصها أنّ " أحيقار " كان وزيراً أو كاتباُ أو مستشاراً لـ " سنحاريب " ملك آشور ونينوى ( 704 – 671 م ) ، ثمّ لابنه " أسرحدون " ( 680 – 668 ق.م ) . وقد حباه الله حكمة مدهشة واكتسب ثروة طائلة في البلاط الآشوري . ولكنّه ظلّ بلا وريث رغم تعدّد زوجاته ، وقد بلغ عددهنّ الستين ، حسب ما جاء في الكتاب ( الفصل الأول ، العدد الثاني ) . ويرى البعض في ذلك قصاصاً لنبذه إله إسرائيل وارتداده إلى الوثنيَّة ، ويرى الآخرون أنّه كان وثنيّاً ، ثمّ رجع إلى عبادة الإله الحقّ ، كما يظهر ذلك من التعابير التي وردت في القصّة . وإذ ذاك تبنّى " نادان " ابن أخته ، وهو بعد رضيع ، ليقيمه وريثاً وخلفاً له في وظيفته في البلاط الآشوري . وأخذ يربّيه تربية حسنة ويبذل له النصح الكثير الذي نجده في الحلقة الأولى من نصائحه الحكيمة ( من الفصل الثاني إلى الفصل الثالث ) . غير أنّ نادان لم يصغِ إلى نصائح خاله ، بل ساءت سيرته ، فاستردّ أحيقار الميراث منه ومنحه لأخيه الأصغر " نبوزردان " . فحقد عليه نادان وأراد الإيقاع به بمكيدة دبّرها له ، إذ كتب رسائل باسم خاله موجّهة إلى الفرعون وإلى ملك الفرس قصد التواطؤ معهما لقلب نظام الحكـم في الإمبراطورية الآشوريَّة ، ورتّب الأمور لكي تقع هذه الرسائل في يد الملـك الآشوري . وإذ ذاك حكم أسرحدون بالموت على أحيقار بتهمة الخيانة الكبرى . غير أنّ أحيقار نجا من الموت ، لأنّ الجلاد كان صديقاً له فلم يردْ أن يضرب عنقه ، بل أوصاه أن يختبئ في حديقة بيته
وبعد زمان طلب ملك مصر من الملك الآشوري أن يرسلَ إليه رجلاً حكيماً يستطيع أن يجيب عن أسئلته ويبني له بلاطاً في الجوّ . فأسقط في يد الملك الآشوري وأسف على أحيقار وحكمته الخارقة . فظهر أحيقار إلى الوجود ثانية وذهب إلى مصر ليجيب عن أسئلة فرعون . وإذ عرف سؤال فرعون ، أعدّ نسرين وغلامين وشريطين من القطن طول كلّ منهما ألفا ذراع . وأخذ يدرّب النسرين والغلامين فيربط النسرين بالشريطين ويمرّن الغلامين على الركوب على ظهرهما ثمّ يطلقهما فيطيران في الجوّ ، وهناك يصيح الغلامان : " قدّموا لنا الحجر والملاط " . وجاء اليوم المعيّن ، وطلب منه فرعون أن يبني له بيتاً بين السماء والأرض ، فطلب منه أحيقار أن يعدّ الحجر والملاط لهذا الغرض ، ثمّ أطلق أحيقار النسرين وعليهما الغلامان ، ولما استقرّا بين السماء والأرض ، صرخ الغلامان : " أرسلوا الحجارة ، فنحن على استعداد للعمل " . وأخذ أحيقار وأتباعه يصرخون في الفعلة وجند الملك لكي يقدّموا للبنّاءين ما يريدان . وإذ رأى الملك استحالة نقل شيء إليهما ، اعترف لأحيقار بالنصر . . . وفي اليوم التالي قال فرعون لأحيقار : " إنّ حصان سيّدك إذا صهل في نينوى سمعته خيلنا هنا فطرحت " . فلمّا سمع أحيقار ذلك أحضر سـنوراً وأخذ يجلده جلداً شديداً ، فأخبروا الملك بذلك ، فاستدعاه وقال له : " لمَ تجلد هذا الحيوان المسكين ؟ " . فقال له أحيقار : " إنّ سيّدي الملك كان قد أهدى إليّ ديكاً يعرف ساعات النهار والليل ، وقد تركته في نينوى ، فقام عليه هذا السنور في هذه الليلة وقطع رأسه ، ولذلك فإنّي أجلده " . فقال له فرعون : " إنّ بين مصر ونينوى ثمانية وستّين فرسخاً ، فكيف يستطيع السنور الذهاب إلى نينوى والعودة منها في ليلة واحدة؟ " . فقال له أحيقار : " إذا كانت بين مصر ونينوى هذه المسافة ، فكيف تسمع خيلك صوت حصان سيّدي ؟
واستمرّت هذه الألغاز ، فتارة يطلب منه الملك أن يفتل له حبلاً من رمل البحر ، وطوراً أن يخيط له حجر رحى قد انكسرت ، ويجيب أحيقـار عن أسئلته بأجوبة مفحمة ، حتى نال إعجاب فرعون وهداياه الكثيرة .
ولدى عودته إلى البلاد الآشورية مثقلاً بالهدايا والإكرام ، طلب إلى الملك أسرحدون أن يسلّم إليه نادان ، فربط أحيقار يدي نادان بسلاسل من حديد وألقاه في مكان مظلم من بيته وجعل غذاءه الخبز والماء ، وكان يجلده جلداً مبرحاً قائلاً له : " قيل بالأمثال إنّ من لا يسمع من أذنيه أسمعوه من قفاه " . وهنا يبدأ الجزء الثاني من الحكم ( الفصل 23 وهو طويل جدّاً ويتكوّن من 142 حكمة ) . وخوفاً من القصاص الصارم الذي توقّعه من خاله ، انتفخ نادان ثمّ انفجر ومات . وتأتي الخاتمة في الفصل الخامس والثلاثين ، وقد زادها على الكتاب أحد المؤلّفين المتأخّرين وقد يكون مسيحياً نظراً إلى التعابير التي وردت فيها مثل : " الخطيئة المميتة " و " ملكوت السماء " و " السعادة الأبدية " . وفي هذه الخاتمة يذكر أنّ أحيقار كان وثنياً في البداية ثمّ آمن بالإله الواحد في نهاية حياته
أمّا عن شخصيّة أحيقار فيقال إنّه ابن " عنائيل " أخي " طوبيا " الذي ورد ذكره في الكتاب المقدّس
( فرنسيس نو ، قصّة أحيقار ص 50 – 51
من حكـم أحيقـار
يا بنيّ ، عصفور حقير في يدك خير من ألف في الهواء .
يا بنيّ ، نقل الحجارة مع رجل حكيم خير من شرب الخمر مع رجل لئيم .
يا بنيّ ، إذا أكل الغني الحيّة قالوا أكلها تطبّباً ، وإذا أكلها الفقير قالوا أكلها جوعاً .
يا بنيّ ، إذا أرسلت الحكيم في حاجة فلا توصه كثيراً لأنّه يقضي حاجتك كما تريد ، ولا ترسل . الأحمق بل امضِ أنت واقضِ حاجتك
يا بنيّ ، إذا سمعت كلمة فدعها تموت في قلبك ولا تكشفها لغيرك لئلاّ تصبح جمرة تحرق لسانك . وتترك الألم في جسدك وتكسبك الخزي والعار عند الله والناس .
يا بنيّ ، أنت صرت لي مثل قملة الحنطة لا تصلح لشيء وإنّما تفسد الحنطة وتنخرها .
يا بنيّ ، أنت صرت لي مثل كلب أرغمه البرد على اللجوء إلى محل الخبّازين ، وحينما دبّت الحرارة . في جسمه شرع ينبح عليهم ويعضّهم وبدؤوا هم بضربه . وإذ لم يكفّ عن النبح اضطرّوا إلى قتله خوفاً من عضّاته .
يا بني ، لا تزن بامرأة صاحبك لئلا يزني آخرون بامرأتك .
يا بني ، كل نصيبك، ولا تهزأ بجارك .
يا بني ، ان الأثيم يقع ولا ينهض ، أما المستقيم فلا يتزعزع ، لأن الله معه .
يا بني ، اخضع ابنك وهو طفل قبل ان يفوقك قوة وشدة ، فيتمرد عليك وتخجل من كل أعمال السوء التي يعملها .
يا بني ، لا تجلب عليك لعنة أبيك وأمك ، والا فانك لن تفرح بنعمة بنيك .
يا بني ، لا تشتم ربك في يوم مصيبتك وبؤسك فانه اذا سمعك يغضب عليك .
يا بني ، اقض في شبابك قضاء عادلا كي تنال وقارا في شيبتك .
منقووووووووووووووووول
...............
قصة احيقار
قصة احيقار
هذا التوقــيع من تصميم الاخـت تـوتا مشكــورة
*************************
Re: قصة احيقار
فعلا كان احيقار حكيم جدا ولحد الان اقواله موجودة ومتداولة بين الناس
شكرا الك اخي اشور للقصة الممتعة والمعلومات عن احيقار
يجهلها الكثيرون ...
يسلموووووو
شكرا الك اخي اشور للقصة الممتعة والمعلومات عن احيقار
يجهلها الكثيرون ...
يسلموووووو
لا ادري كيـــــــــــــف لكــن أعلــم أنه يســتجيب
أرفـــــع شـــكواي اليه وهـــو لا شـــك يــــجيب