تفسير الأنجيل للقديس يوحنا الذهبي الفم

أخبار ـ نشاطات
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ليون انتيباس
قنشريني متألق
مشاركات: 1361
اشترك في: الأربعاء يناير 18, 2006 1:07 pm
مكان: Syria / Tartous

تفسير الأنجيل للقديس يوحنا الذهبي الفم

مشاركة بواسطة ليون انتيباس » الجمعة أغسطس 24, 2007 10:03 pm

[align=center]تفسيرالأنجيلللقديسيوحناالذهبيالفمرئيساساقفةالقسطنطينية[/align]
" أنتم نور العالم , لا يمكن أن تخفى مدينة واقعة على جبل. ولا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال لكن على المنارة ليضيء لجميع الذين في البيت"
.قول المسيح "أنتم نور العالم" فكما أنه جعلهم ملحا روحيا متقدما على الملح المادي, وبعد ذلك جعلهم أيضا نورا للعالم ليس لأمة واحدة ولا لعشرين مدينة, لكن نورا للمسكونة كلها وصيّرهم نورا معقولا أفضل كثيرا من الشعاع. وقوله" لا يمكن أن تخفى مدينة واقعة على جبل. ولا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال لكن على المنارة ليضيء لجميع الذين في البيت". وأيضا يقتادهم بهذه الأقوال الى حياة بليغة في عمقها اذ يعلمهم أن يكونوا مجتهدين لأنهم موضوعون لدى أنظار كل الناس مجاهدين في وسط مشهد المسكونة, فيكونون ظاهرين عند جميع الناس بصورة" مدينة واقعة على جبل" ونظير سراج فوق المنارة ظاهر في البيت. فأين الذين ينكرون قدرة المسيح فليسمعوا أقواله هذه. وقوله " لا يمكن أن تخفى مدينة واقعة على جبل " وأظنه هنا يلجئهم الى المهاجرة مظهرا بذلك قوته, فكما أنه ممتنع أن تخفى تلك المدينة فكذلك هذه المناداة من الممتنع أن تخفى.
وقوله " ليضيء لجميع الذين في البيت" تفطن في أي وعد وعد به ما أعظمه!, اذ الذين قد لا يكونون معروفين في بلدتهم فان الأرض والبحر يعرفانهم ويذاع خبرهم الى أقصى المسكونة ويصلون بفعل احسانهم الى أقطار العالم. "
هكذا فليضىء نوركم قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجّدوا أباكم الذي في السماوات" المسيح قد أوقد الضوء , ولكن استمراره متوقدا فليكن عملكم وحرصكم واجتهادكم, ليس لأجل أنفسكم فقط ولكن لأجل المزمعين أن يتمتعوا بلمعانه وينقادوا الى الصدق, لذلك يجب أن تعيشوا عيشة مؤهلة للنعمة فكما أن تلك النعمة ينادى بها في كل مكان فكذلك تقترن حياتكم بها, لأنكم لا تهذبون المسكونة فقط لكنكم مع ذلك تجعلون أهلها يمجدون الله, أما اذا فعلتم ضد ذلك فقد أهلكتم الناس وجعلتم اسم الهكم يفترى عليه. ولسائل يسأل : ما رأيك أتأمرنا أن نعيش للتظاهر والتباهي؟! فأقول: ما عنيت هذا المعنى , لأنني ما قلت اجتهدوا أن توردوا الى وسط المحفل ما قد احكمتموه من الفضائل ولا قلت اظهروها , لكنني قلت ما قاله المسيح "فليضئ نوركم" وهذا معناه لتكن فضيلتكم كثيرة, لأن فضيلتكم اذا كان هذا مبلغ تقديرها يمتنع أن تخفى ولو أخفاها مستعملوها دفعات جزيل عددها.
" لا تظنوا اني أتيت لأحل الناموس والأنبياء. اني لم آت لأحل لكن لأتمم"
قول المسيح " لا تظنوا أني أتيت لأحل الناموس والأنبياء" ولسائل أن يستخبرنا: ومن ظن هذا الظن في المسيح, أو من شكاه بهذه التهمة؟! فنجيبه: قال المسيح ذلك ليس باطلا لكنه اذ عزم أن يشترع وصايا أعظم مكانة من الوصايا القديمة عندما يقول " قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم وأما أنا فأقول ان كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" (مت21:5 -22). واذ كان يمهد طريقا فريدا شريفا سماويا سبق فقال ذلك, لئلا بغريب افتراضه يزعج نفوس سامعيه ويجعلهم معاندين ما يقوله ويرتابوا فيه لأنهم وان كانوا ما كملوا الشريعة لكنهم تمسكوا بها على كل حال, وكانوا ينقضونها كل يوم بأعمالهم, وقد كانوا يريدون أن تثبت سطور كتابتها ناجية من تزعزعها. وقوله" اني لم آت لأحل لكن لأتمم" وقوله هذا لا يصدّ وقاحة اليهود فقط لكنه يطبق مع ذلك أفواه مبدع البدع في دينه. ولك أن تسأل: فكيف لم ينقضها وكيف أكمل الشريعة والأنبياء ؟! فنقول: انه بأعماله حقق أقوال الأنبياء التي قيلت بهم كلها في وصفه, ولولا أنه جاء لكانت قد بقيت هذه النبوات دون أن تكمل, فالمسيح كمل الشريعة عندما لم يخالف وصية من وصاياها والدليل على أنه كملها كلها, اسمع ما قاله ليوحنا المعمدان" لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل برّ"(مت15:3)."والحق أقول لكم أنه الى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يتمّ الكلّ". قوله هذا معناه أنه لا يمكن أن يوجد الناموس دون أن يكمل, لكن يجب أن تتم أصغر وصية من وصاياه, وذلك ما فعله المسيح اذ أكمل الناموس تماما وفي هذا الكلام يرمز الى أن العالم كله سيتغير شكله." فكل من يحلّ واحدة من هذه الوصايا الصغار ويعلم الناس هكذا فانه يدعى صغيرا في ملكوت السماوات. وأما الذي يعمل ويعلّم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات". قول المسيح " فكل ما يحل واحدة من هذه الوصايا الصغار ويعلم الناس هكذا فانه يدعى صغيرا في ملكوت السماوات"
اذ انه لم يقل هذا القول من أجل وصايا الشريعة العتيقة لكنه قله بسبب الشرائع التي عزم هو أن يشترعها. وقوله " وأما الذي يعمل ويعلّم فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات" لأنه لا يجب أن نكون نافعين أنفسنا فقط لكن سبيلنا أن ننفع آخرين غيرنا, لأن الجزاء ليس لمن يصلح ذاته ويهذبها فقط بل ومن يضيف الى اصلاح ذاته اصلاح آخرين غيره, فكما أن التعليم بدون العمل يدين الذي يعلم به, كذلك افتعالك الصلاح ولا تفيد به أناس آخرين ينقص ثوابك, فينبغي للانسان ان يصلح ذاته ويهذبها أولا وبعد ذلك يبرز الى الاهتمام بأناس آخرين غيره , لأن ربنا لهذا السبب رتب العمل قبل التعليم.


منقول
  • ملكك أيها المسيح ملك كل الدهور وسلطانك في كل دور فدور
صورة
ليس من الصعب أن تضحي من أجل صديق ولكن من الصعب أن تجد صديق يستحق التضحية !!

أضف رد جديد