افتتاح المركــــز القبطــي لتواصـــل الثقــافة المصــرية

أخبار ـ نشاطات
أضف رد جديد
سامى داود

افتتاح المركــــز القبطــي لتواصـــل الثقــافة المصــرية

مشاركة بواسطة سامى داود » الأحد يناير 04, 2009 12:43 am

المركــــزالقبطــي لتواصـــل الثقــافة المصــرية


صورة

كتب : كارم يحى
في الرابع عشر من نوفمبر الماضي أفتتح قداسة البابا شنودة الثالث بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية المركز الثقافي القبطي‏ .‏ وهو الصرح الثقافي المقرر أن تنطلق انشطته وتنفتح علي المجتمع خلال العام الجديد‏2009.‏

ويقول الأنبا إرميا الأسقف العام وسكرتير البابا شنودة لشئون المركز الثقافي القبطي ان المركز أكبر من مجرد اعادة احياء لمكتبة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية القديمة او مجرد مكان لحفظ مئات الكتب والمخطوطات النادرة بل هو بالأصل جسر للحوار مع التراث القبطي المصري يشجع العلماء والباحثين ويكون معينا لابحاثهم وملهما لابداعاتهم‏.‏ كما سيتوجه المركز اليهم من أجل الحوار وتبادل الآراء والأفكار ويسهم في تحقيق رؤية البابا شنوده في أن يصبح حلقة ربط بين الماضي والحاضر والمستقبل‏.‏ ويلفت الانبا ارميا النظر الي أن البابا وجه الي اضافة كلمتي العام و العامة الي المركز والمكتبة وكان يقصد بذلك أنه صرح منفتح علي المجتمع وبوصف الحضارة القبطية جزءا لا يتجزأ من تاريخ مصر‏.‏ ويضيف ان المركز سيبدأ اعتبارا من العام الحالي في وضع برنامج ندوات لا تقتصر فقط علي القضايا اللاهوتية‏(‏ العقيدة‏)‏ بل سيتطرق الي الجوانب المختلفة لتاريخ الأقباط وسيسعي للتفاعل مع قضايا الشباب‏.‏

مكتبة مار مرقس التي تتبع المركز بدأت بنحو‏75‏ ألف كتاب من مختلف فروع المعرفة‏.‏ ويقول الانبا ارميا ان قداسة البابا تبرع بمكتبته الإسلامية الضخمة ليؤكد علي الطابع العام للمكتبة‏.‏ وتضم الكتب المهداة من البابا مجموعة تفاسير للقرآن من القرطبي والشعراوي‏.‏ كما اهدي البابا المكتبة مجموعة موسوعات بلغات مختلفة‏.‏ ويضيف قائلا‏:‏ المكتبة لا تقتصر علي كتب اللاهوت فقط‏,‏ فبناء شخصية الانسان تحتاج الي افكار متنوعة‏.‏ وإذا ما كانت المكتبة ستضم كتابات لا ترضي عنها الكنيسة وبينها اعمال ادبية تتناول حياة المسيح والقديسين علي نحو يخالف الرواية الرسمية للكنيسة يقول‏:‏ الأجيال الجديدة لا تقتنع إلا بالحوار‏..‏ سنضع هذه الاعمال في مكتبتنا ونناقشها‏..‏ فالفكر لا يرد عليه إلا بالفكر‏.‏

الباحث بالمركز الدكتور ماجد صبحي يشير الي كتب نادرة تضمها رفوف المكتبة ومن بينها كتب طبع منها في حينها اقل من خمسمائة نسخة‏.‏ ومن بين الكتب النادرة والمهمة في الثقافة القبطية يلفت النظر الي نسخة أصلية من قاموس قبطي‏/‏ عربي لاقلاديوس لبيب ويعود الي العام‏1895‏ والي نسخة مصورة من أول قاموس قبطي لاتيني لاثناسيوس كتشر وهو بالأصل مطبوع في روما عام‏1643,‏ ويعد من ابجديات الدراسات القبطية‏.‏ كما تضم المكتبة ـ وفق صبحي ـ كتبا بإحدي عشرة لغة من بينها التركية والفارسية‏.‏

أما قاعة المخطوطات التي تشغل الدور الخامس في مبني المركز‏,‏ فتضم عددا من المخطوطات الأصلية‏,‏ فضلا عن فيض من المخطوطات المصورة علي شرائح ميكروفيلم و سي دي‏.‏ وهي ثمرة جهود متواصلة لمسح التراث القبطي المتناثرة في الأديرة والكنائس وخارج البلاد‏.‏ وعلما بأن جانبا مهما من المخطوطات القبطية كان قد تسرب إلي المدن الاوروبية والامريكية عن طريق صائدي المخطوطات والرحالة علي مدي قرون‏.‏ وإلي حينه يحوي المركز الثقافي القبطي‏1310‏ مخطوطات من محتويات مكتبة البطركية القبطية بالقاهرة‏,‏ و‏360‏ مخطوطا علي شرائح ميكروفيلم تضم‏7110‏ ورقات و‏1140‏ نسخة رقمية طبق الأصل في مليون ورقة مهداة من جمعية القديس الأنبا شنودة في لوس انجلوس‏,‏ وهي نسخ مماثلة لتلك المجموعة التي كان البابا شنودة الثالث قد اهداها لمكتبة الاسكندرية‏.‏

ويقول الأنبا ارميا إن المركز يسعي الي الحصول علي نسخ مصورة من المخطوطات القبطية التي تسربت إلي الخارج‏,‏ وتناثرت في المتاحف والجامعات والمعاهد المتخصصة‏,‏ ويشير إلي أن المركز بالأصل يحوي حاليا عددا من المخطوطات النادرة المهمة أو نسخا منها‏.‏ ومن بين هذه المخطوطات التي تهم الباحثين نصوص قبطية صعيدية تعود إلي القرون الأربعة الأولي الميلادية‏,‏ ومخطوطات تفيد في دراسة تطور اللغة القبطية والكتابة بها ونصوص من الكتاب المقدس توضح المحاولات الأولي لكتابته باللغة العربية والترجمة من القبطية إلي العربية‏,‏ ومنها مجموعة أولاد العسال التي تعود إلي القرن الثالث عشر‏.‏ وإلي القرن ذاته تعود مخطوطة تاريخ ابن العميد والتي تعد استكمالا لتاريخ الطبري‏,‏ وتحمل عنوان المجموع المبارك‏.‏ فضلا عن ذلك هناك صور مخطوطات تعود إلي القرن التاسع كان قد جري العثور عليها في دير رئيس الملائكة ميخائيل بالفيوم ومعروفة باسم الحامولي‏.‏ وهذه المخطوطات التي توجد اصولها في نيويورك بمثابة مكتبة كاملة للدير تكشف تحولات مهمة في ثقافة المصريين والرهبان من اللغة القبطية إلي اللغة العربية‏.‏

ويقول الأنبا ارميا إن المركز سيضع خطة لتحقيق ونشر عدد من المخطوطات المهمة كي تصدر بصورة علمية‏,‏ ومن بين تلك المخطوطات أقوال آباء الكنيسة القبطية ويضيف‏:‏ نحن نسعي لاعادة كتابة تاريخ البطاركة بصورة علمية تتفق مع روح العصر‏.‏ ويشير الدكتور صبحي إلي أن نشر المخطوطات سيعتمد مناهج مقارنة‏,‏ وذلك بتحقيق أكثر من مخطوطة تنتسب إلي حقبة زمنية بعينها‏,‏ وبما يضمن المقارنة بينها‏.‏ ويضيف‏:‏ نشر المخطوطات علي هذا النحو يهدف إلي اضاءة مراحل تاريخية غامضة أو ملتبسة مثل عصور دولتي المماليك البحرية والبرجية بين عامي‏1250‏ و‏1517.‏

المكتبة والمخطوطات ليست سوي جانب من المرحلة الأولي لمشروع المركز الثقافي القبطي‏.‏ ووفق الأنبا ارميا فان المرحلة الثانية تنهض علي عمل مجموعة من مراكز البحوث والدراسات المتخصصة في كل من التاريخ واللغة والآثار والعمارة والنسيج والموسيقي وأقوال الآباء‏(‏ الباترولوجي‏)‏ واللاهوت وغيرها‏.‏ ويقول صبحي ان المركز سيحاول ان يوفر للباحثين والقراء خبرة العلماء والدارسين الأجانب الذين نشروا اعمالهم في مجلات متخصصة وكتب علمية بأكثر من لغة اجنبية‏.‏ ويضيف قائلا‏:‏ للأسف المنشور باللغة العربية في علم القبطيات‏(‏ القبطولوجي‏)‏ يمثل أقل من عشرة في المائة فقط‏.‏

أهمية المركز الثقافي القبطي لم تمنع كتابا وباحثين يقدرون هذه الأهمية من التعبير عن امنياتهم ان تلعب الدولة دورا أكبر في الاهتمام بالثقافة القبطية‏.‏ ويقول الدكتور كمال زاخر‏:‏ ان المركز بلاشك اضافة لثقافة التنوير‏..‏ فالأطراف المختلفة علي الساحة المصرية يجب أن تتعرف إلي بعضها البعض‏,‏ لأن الجهل سبب رئيسي في حالة الاحتقان الطائفي وباعتبار الانسان عدو ما يجهل‏.‏ ويضيف‏:‏ لعل حلم المستنيرين وعلي أرضية المواطنة المصرية أن يجدوا مثل هذا المركز خارج الكنيسة‏.‏ لكن السؤال هو لماذا اقدمت الكنيسة علي هذه الخطوة؟‏..‏ ولعل اجابة السؤال هي في تخلف المؤسسات الثقافية القومية عن الاضطلاع بهذا الدور‏.‏
وإن أعرب عن أسفه لغياب اقسام القبطولوجي في الجامعات المصرية يتمني ان ينفتح المركز الثقافي القبطي علي هذه الجامعات‏,‏ وان يضم مجلس امنائه شخصيات مسلمة‏.‏





نقلا من جريدة الاهرام المصرية
عدد44589 الاحد 4/1/2009

أضف رد جديد