همسة عتاب

يعنى بالأدب ـ الشعر ـ الخواطر ـ القصة ..الخ
أضف رد جديد
فؤاد زاديكه
قنشريني فعال
مشاركات: 143
اشترك في: الاثنين يوليو 25, 2005 7:32 pm

همسة عتاب

مشاركة بواسطة فؤاد زاديكه » الأربعاء أغسطس 17, 2005 2:20 pm


همسة عتاب


صديقي العزيز... جمعنا من أطراف الكون وعوداً جميلة ً وسقيناها ماء حرص ومحبّة وتفاهم... ترعرعتْ ونمتْ وحلّقتْ بامتدادات غصونها إلى ما وراء الأفق البعيد ثمّ حملتْ أملنا خيراً فيما حملتْ ووضعتْ فزادتْ من تفاعلات انصهاراتها الروحيّة والوجدانيّة وثبّتنا أعمدة بقائها بما في نفسنا من شعور الغبطة وما في إرادتنا من عزم الاستقرار والنهوض... حلمنا ثمّ حلمنا ومن ثمّ حلمنا إلى أنْ كانت اليقظة.

آه منك أيّتها اليقظة التّعسة... آه منك أيّها البؤس الأجرد... أوّاه من كلّ خيبة أمل تصيب في الصميم وتدفق إحساس بالمرارة وبإطباق ويل على منابت هذه الأحلام أودى بها وأسقطها سقوطاً فظيعاً موجعاً خلخل كلّ توازناتها وتركها تسيرُ على رجل واحدة فباتتْ تعرجُ.


كانتْ آمالنا أنْ تستمرّ في الوقوف على قدميها الإثنتين لتواجه تحدّيات الزّمن وتتغلّب على صعاب هذا العالم بما تحتويه من أنانيّات قاهرة وجشع مسرف في الغباء البشري ورغبة جامحة تسوق إلى أتون الخيبة الموجعة والفشل المحتّم، كانت أحلامنا تلدُ كلّ يوم ياسمينة وزهرة وتحلّق فراشة وتتجدّد شباباً.

كانتْ رجاءاتنا تغمرُ عالمنا بكلّ مفرح ومسرّ فيما صارت اليوم جحيماً أسود لا يعرف غير القهر والعناء... كانت أمانينا ترفّ كطيور السواحل وهي تحلّق فوق شطآن آمال عريضة راغبة في هبوط آمن مريح مفرح لا تُساقُ إلى هبوط اضطراريّ مفزع يكسر أجنحتها ويخنق ابتسامتها... كانت ورود صدقنا وصداقتنا... كانت زهورأنسنا وسمرنا... كانت هواء دعتنا بنقاء الحكمة وصفاء الذاكرة.

ماذا أقول أكثر من هذا الذي قلته، وقد صار كلّ ذلك إلى ماض شحيح أجرب. كان ولعنا بالغد المورق، كان غذاؤنا الآتي المشرق، لكنْ تلبّدت غيومُ هذا الكون وسرتْ رعشة مريضة في أوصال هذه التطلّعات فأقعدتها وغدتْ كسيحة أحلامها وجريحة ذكرياتها.


همسة عتب أيّها الصّديق الذي لم أكن أتخيّل في يوم من الأيام بأنّك ستلعب بمصير حلمنا وتخضع جماله لمسخ أنانيّة مشوّهة معتوهة.
إليك عتاب صديق لم يتحامل عليك بل حمل إليك صلاة عتابه همسة عتاب غلّفها حزنٌ موجع... صلاة تستغفرُ قضاءات الزمن وتسترحم رجاءات كينونته. فهل بقي بعد كلّ هذا من عتاب آخر تحمله إليك أوجاعُ صدري وتغرسه في رمال الخيبة ليزيله هيجانُ موجة عابرة فلا يُبقي على أثر لها؟

ألمانيا في 20/4/2005 م

أضف رد جديد