العطاء
أهميته - نوعيته – قمته
بقلم قداسة البابا شنوده الثالث
إن حياة الإنسان تقاس أو تقيّم، بمقدار ما يقدّمه من عطاء. لذلك فكل يوم يمّر عليك، دون أن تعطى فيه شيئاً لغيرك، لا تحسب هذا اليوم من أيام حياتك...
ومن جهة العطاء، وضع سليمان الحكيم وصيتين ذهبيتين هما: "لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون فى طاقة يدك أن تفعله" "لا تقل لصاحبك اذهب وعُدْ غداً فأعطيك، وموجود عندك" الواجب اذن أن تعطى، ولا تؤجل العطاء إلى غدِِ
فإن أنعم الله عليك ببعض الخيرات، فلا تظن أنها كلها لك وحدك!
بل الله - فيما يعطيك - إنما يختبرك: هل أنت بدورك سوف تعطى أيضاً؟ أم سوف تملكك الأنانية فتستأسر بكل شئ لذاتك دون غيرك!!
إن العطاء هو خروج من محبة الذات إلى محبة (الآخر). والعطاء يحمل فضيلة البذل، وشيئاً من فضيلة التجرد، وبعداً عن الجمع والتكويم.
والذى يتصف بالعطاء، يدل على أن المال ليس هو الذى يملُكه، بل هو الذى يملُك المال وينفقه فى خير الآخرين.
Xوالعطاء على درجات كثيرة: أولها التدرب على العطاء، ثم النمو فيه
تدرب أولاً على أن كل ما يصلك من خير، إعطِ منه للغير.
وثِق أن ما تعطيه منه، إنما يجعل البركة فيما تبقى، فيزداد... وأيضاً ما تحصل عليه من محبة ودعاء ممن أعطيتهم يكون أكثر بمراحل من العطية ذاتها. وتكسب بذلك أصدقاء يشفعون فيك أمام الله...
ومثال ذلك الأم التى تُعطي من لبنها لرضيعها: يسعد هذا الابن برضاعته، وتستريح الأم أيضاً وتسعد. وبنفس الوضع يسعد المُعطي حينما يرى فرح من يتقبل أيضاً عطاءه، فيفرح بفرحه. إن الشجرة تنتعش حينما يرويها الفلاح. كما ينتعش الفلاح بذلك ويفرح بانتعاش الشجرة...
Xويتقدم الإنسان فى العطاء، فيصل إلى السخاء والكرم
فيعطي بسخاء وليس بتقتير، ولا بحسابٍ دقيق! ليس فقط ما يكفى بالكاد حاجة غيره، وإنما بالأكثر ما يفيض.
ويُعطي ليس فقط ما يطلبه الناس، وإنما ما يحتاجون إليه حتى دون أن يطلبوا. كالأب الذى يعطى لإبنه ما يحتاجه، ولا ينتظر حتى يطلب...
وهكذا الله - تبارك اسمه - يعطينا دون أن نطلب، وفوق ما نطلب
وهو بهذا يقدم لنا درساً فى العطاء وكيف يكون. سواء كان ذلك بالنسبة إلى الأفراد، أو إلى المجتمع جملةً... إلى الذين يعرفون كيف يُعبّرون عن احتياجاتهم، والذين ليست لهم القدرة على ذلك أو الوسيلة...
العطاءالحقيقي هو العطاء بفرح
فلا يُعطي الإنسان نتيجة ضغط وإضطرار، أو وهو ساخط ومتذمر، أو خوفاً من إنتقاد الناس!! فمن يفعل ذلك، إنما يُعطي من جيبه، وليس من قلبه، ولاينال من الله أجراً على ما يُعطيه...
أما الذي يُعطي عن حب وإشفاق، ويفرح للخير الذي يقدمه لغيره بعطائه، فهذا هو المقبول أمام الله والناس...
Xهناك نوع آخر من العطاء هو العطاء المعنوي، غير المادي
كمن يُعطي كلمة عزاء لإنسان حزين، أو يُعطي كلمة تشجيع لمن هو يائس أو واقع في صغر النفس، أو يُعطي عبارة حنان لطفل يتيم، أو كلمة منفعة لمن يحتاج إليها، ومثل ذلك من الأمور...
كذلك يوصف بالعطاء من قدموا للناس فكراً نافعاً، أو فناً مفيداً، أو علماً وكان له تأثيره في راحة الناس أو في علاجهم أو في تعمير الأرض. ولا أقصد العلم أو الفن الذي أسئ استخدامه. كل أولئك كان في حياتهم عنصر العطاء، كل في تخصصه.
على أن قمة العطاء تتمثل في من يُعطي نفسه لأجل غيره
أي أنه يفدي غيره بذاته... مثال ذلك من يفدي وطنه بحياته، أو يبذل حياته من أجل دينه أو من أجل مبدأ من المبادئ السامية، أو من يقدم حياته لإنقاذ غريق، أو إنقاذ أسرة من الحريق. ولا يوجد حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه عن أحبائه...
إن الإنسان يبذل نفسه لأجل غيره، يذكّرنا بالشمعة التي تذوب لكي تنير للآخرين، ويذكّرنا أيضاً بحبة البخور التي تحترق تماماً لكي تُعطي بخوراَ عطراَ للغير... إنها أمثلة واضحة لبذل الذات كاملة..
يبقى سؤال هام، وهو: ماذا عن الذين يريدون أن يعطوا وليس لهم؟
إنه عطاء بالنية، والله هو فاحص القلوب، والعارف بقدرة كل شخص أو عدم قدرته. ونحن نُصلّي من أجلهم في الكنيسة ونقول: أذكر يارب الذين يريدون أن يقدموا لك وليس لهم. عوّضهم عِوض الفانيات بالباقيات.
__________________
العطاء ....بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
Re: العطاء ....بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
روعة هل النقل استمتعت جد ابالموضوع
حاشا لي أن أفتخر الا بصليب ربي و الهي ومخلصى يسوع المسيح
اصغ للانجيل المقدس
http://www.thegrace.com/audio/index.htm[/color]
http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/
سير القديسين
اصغ للانجيل المقدس
http://www.thegrace.com/audio/index.htm[/color]
http://popekirillos.net/ar/fathersdictionary/
سير القديسين
Re: العطاء ....بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
موضوع كثير حلو غادة وأنا كثير بحب مقالات البابا شنودة ..شكرا لك
God, grant me the serenity to accept the things I cannot change, the courage to change the things I can, and the wisdom to know the difference
سعيد وحده ذلك الأنسان الذي يحيا يومه ويمكنه القول بثقة: "أيها الغد فلتفعل ما يحلو لك , فقد عشت يومي "
سعيد وحده ذلك الأنسان الذي يحيا يومه ويمكنه القول بثقة: "أيها الغد فلتفعل ما يحلو لك , فقد عشت يومي "
Re: العطاء ....بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
شكرا لك غادة مقال ممتع ورائع
Re: العطاء ....بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
نورت الصفحة بمروركم العزيزات ام جورج - رولا - ماري .
محبتي
غادة
محبتي
غادة